LATEX

فضاء-زمن شوارشيلد


نتصور ثقب أسود فى نقطة معينة من الفضاء-زمن..
الثقب الاسود عكس النجوم لا يتميز الا بعدد قليل جدا و محدود جدا من الاعداد او المقادير-التى تسمى ايضا شعر hair- و التى تُميزه وهى الكتلة و الشحنة و عزم اللف (وهذه تسمى مبرهنة اللاشعر no-hair theorem) عكس النجوم التى تتميز بشعر كثيف اى نحتاج الى تمييز حالتها الى عدد ضخم من الاعداد..
اذا كانت الشحنة منعدمة و الثقب لا يدور حول نفسه فان الثقب اذن لا يتميز الا بالكتلة وهو يسمى اذن ثقب اسود شوراشيلد Schwarzschild و شوارشليد هو الألمانى الذى مات فى الجبهة خلال الحرب العالمية الاولى بعيد اكتشاف هذا الحل بقليل...
اذن للتبسيط نتصور ثقب اسود شوراشيلد فى نقطة معينة من الفضاء-زمن..
هذا الثقب يحيط به أفق -وهو سطح كرة متمركزة حول الثقب- يفصل بين الداخل و الخارج..
هذا السطح الكروى هو ليس فقط سطح اعتبارى لكنه سطح فيزيائى يتميز بدرجة حرارة و غيرها وهذا لا يمكن تفسيره بالاعتبارات الكلاسيكية التى سنذكرها فى هذا المنشور لكن يحب الذهاب الى الثقب الاسود الكمومى حتى نرى ذلك بوضوح...
واكثر من هذا فان هذا السطح هو سطح شبيه-ضوء light-like او صفرى null و ليس سطح شبيه-زمن time-like و لا سطح شبيه-مكان space-like...
وهذا مثل المخروط الضوئى ligh-cone فى النسبية الخاصة...
اذن الحوادث داخل الافق و الحوادث خارج الافق لا يمكن ان تؤثر فيمابينها سببيا مثلما نعرف من النسبية الخاصة أن الحوادث داخل المخروط و خارج المخروط لا تؤثر فيما بينها سببيا..
اذن الراصد الخارجى لا يمكن ابدا ان يتواصل مع الراصد الداخلى وعلى هذا يعتمد مبدأ تكامل الثقب الاسود black hole complementarity principle..
الآن هناك داخل الثقب و هناك خارج الثقب..
التفكير المنطقى و اللغوى يقول انه فعلا لا يوجد الا داخل او خارج..
لكن هذا غير صحيح رياضيا..
فقد تمكن كل من كروسكل Kruskal و زيكرس Szekeres من تمديد حل شوارشيلد الى اقصى حد للحصول على فضاء-زمن شوارشيلد و هذا اكثر من ثقب اسود شوارشيلد..
ففضاء-زمن شوارشيلد الذى تحصل عليه كروسكل و زيكرس يتشكل من اربعة ارباع مختلفة تماما التى فى الصورة..
الربع الأول I الذى نعيش فيه هو الربع الذى يقابل خارج الثقب..
والربع II هو الذى يقابل داخل الثقب..
وهذا نعرفه..
لكن هناك ايضا ربع ثالث III مشابه تماما للربع الاول I الذى نعيش فيه لكنه مقطوع سببيا عنا بالكلية وهو ايضا ربع موجود خارج الثقب الاسود..
وكون الربع الاول I مقطوع سببيا عن الربع الثالث III يعنى ان الراصد الموجود فى الربع الاول لا يستطيع ان يتواصل مع الراصد الذى يعيش فى الربع الثالث الا بارسال اشارة الى داخل الثقب تتقاطع مع اشارة اخرى يكون قد أرسلها بدوره الراصد الذى يعيش فى الربع الثالث الى داخل الثقب...
وهناك ايضا ربع رابع IV هو نظير داخل الثقب الاسود وهو يسمى الثقب الابيض white hole و يمكن للراصدين الموجودين هناك ان يأتوا الى منطقتنا فى الربع الاول لكن لا يمكننا ان نذهب الى هناك ابدا..وهذا مثلما انه يمكن للراصدين الذين يعيشون فى ربعنا الاول الذهاب الى الربع الثانى (الثقب الاسود) لكن لا يمكن لاى راصد من الربع الثانى اى من داخل الثقب ان يأتى الى منطقتنا..
اذن هذا الربع الرابع يشبه جدا الانفجار الاكبر وهو المعكوس فى الزمن للثقب الاسود و لهذا يسمى بالثقب الابيض..
اذن الفيزياء النظرية معتمدة على الرياضيات تقول -عكس اللغة و المنطق- ان هناك خارج الثقب (الربع الاول) و داخل الثقب (الربع الثانى) وانه يمكننا ان نذهب الى داخل الثقب لكن لا شيء من الداخل يمكنه ان يأتى الينا..
لكن هناك ايضا خارج آخر (الربع الثالث) الذى ليس لنا معه اى تواصل الا بالذهاب داخل الثقب الاسود و عدم امكانية الرجوع مطلقا بعد ذلك..
وهناك ايضا داخل آخر (الربع الرابع) الذى لا يمكننا ايضا الذهاب اليه لكنه يمكن ان يأتى الينا..
هذه البنية السببية لفضاء-زمن شوارشيلد ملخصة فى مخطط بنروز Penrose diagram الذى فى الصورة..
هذه الارباع الاربعة مقسومة بالخطوط القطرية فى الصورة وهى بالضبط الافق..
فهناك افقان و ليس افق واحد هما الافق المستقبلى future horizon -الذى كنا نعرفه منذ البداية و الذى يفصل بين ربعنا و الثقب الاسود- لكن هناك الافق الماضوى past horizon الذى يحدد الحدود مثلا بين الربع الذى نعيش فيه و ربع الثقب الابيض..
وفضاء-زمن شوارشيلد هو فضاء-زمن مينكوسفكى Minkowski - أى فضاء-زمن النسبية الخاصة- موجود فى مركزه ثقب اسود شوراشيلد..
وهو فضاء-زمن مينكوفسكى مقارب asymptotic بمعنى أنه يصبح كذلك فى المالانهاية..
والمالانهايات infinities هى سطوح فى الفضاء-زمن يعبر عنها بالخطوط الحدية فى الصورة..
وهناك خمسة مالانهايات..
اولا المالانهاية الضوئية المستقبلية J+ future null infinity التى تذهب اليها المسارات الضوئية..
ثانيا المالانهاية الضوئية الماضوية J- past null infinity التى تبدأ منها المسارات الضوئية ..
ثالثا المالانهاية المكانية i0 spacelike infinity وهى المالانهاية التى نعرفها اى سطح الكرة الموجودة فى المالانهاية..
رابعا المالانهاية الزمانية المستقبلية i+ future timelike infinity وهى التى تذهب اليها المسارات الجسيمية غير الضوئية..
خامسا المالانهاية الزمانية الماضوية i- past timelike infinity وهى التى تبدأ عندها المسارات الجسيمية غير الضوئية..
المالانهايتان الزمانيتان مختلفتان عن المفردتان singularities عند r=0 (مفردة الثقب الاسود المخفية hidden و مفردة الثقب الابيض العارية naked) المرسومتان بالخطوط المتقطعة فى الصورة..ﻷن هناك بداهة عدد غير منته من المسارات التى لا تذهب الى المفردة..اذن يجب التنبيه على ذلك..
ايضا نؤكد ان المالانهايات الفضائية و الضوئية (لكن ليست الزمنية) لفضاء-زمن شوارشيلد هى نفسها المالانهايات الفضائية و الضوئية لفضاء-زمن مينكوفسكى و لهذا فاننا نقول ان فضاء-زمن شوارشليد المقارب هو فضاء-زمن مينكوفسكى..
اذن لو تأملتم قليلا لوجدتم انه عندنا فى المحصلة بنية جسر اينشتاين-روزن Einstein-Rosen bridge او الثقب الدودى wormehole و هى تتشكل من منطقتين خارجيتين (ربعنا الاول و نظيره الربع الثالث) متصلان عبر الثقب الاسود و الثقب الابيض اللذان يشكلان معا الثقب الدودى..
اذن نحن فى ربعنا الاول ندخل الى الثقب الدودى عبر الثقب الاسود اما من هو موجود فى الربع الثالث فهو يدخل الى الثقب الدودى عبر الثقب الابيض -الذى بالنسبة اليه هو ثقب اسود- و الثقبان متصلان معا عبر عنق الثقب الدودى..وهذا موضح فى الصورة الثانية..


1 comment:

  1. وددت أن أسوق لكم رأي الأستاذ باسل الطّائي في منشور له سابق بصفحته في الفايسبوك حول مفهوم الثقب الأسود الكبير وهو هذا:

    خلود النفس
    إذا كان إثبات الوعي في النظرية العلمية يحتاج إلى أكثر من ثلاثة أبعاد للفضاء فإن خلود النفس يصبح ممكنا فقط في عالم تزيد أبعاده عن ثلاثة. أما إذا كان إثبات الوعي في النظرية العلمية لا يحتاج الى أكثر من ثلاثة أبعاد فإن خلود النفس يصبح لاغياً وذلك لأن هذا معناه أن النفس ستختفي بمجرد إختفاء الكيان المادي للإنسان.هذه المسألة لم تزل غير محسومة علمياً.
    لكن بما أن الكون يحتاج الى أربعة أبعاد على الأقل لتحقيق وجوده فإنني أرجّح ان يكون ذلك دليلا على إمكان خلود النفس ولو في البعد الرابع وهو الزمن، بعد أن يتلاشى الجسد من الأبعاد المكانية الثلاثة. وبهذا تبقى فعالية النفس من خلال حركتها على محور الزمن، وهكذا يمكننا تصور انتقال النفس الى عالم آخر هو عالم شبه مكاني عبر ركوبها محور الزمن وبذلك تصير الى عالم الخلود.
    لهذه الفكرة روابط عدة، الأول: إتصالها بفكرة الفيزيائي صسكند
    Susskind الذي قال بحسب نظريته الهولوغرامية إن المعلومات لا يمكن أن
    تفنى بل تبقى منشورة على سطح أفق الحدث في الثقب الأسود. والثانية: صلة عقائدية تقول بأننا سنرجع جميعا الى الله يوم الحشر ثم توفى كل نفس ما كسبت. فبعد فناء العالم وتجمع الأنفس بما عملت والجوارح بما اقترفت يكون يوم الحشر والنشر على سطح افق الحدث للثقب الأسود العظيم الذي سيمثل البوابة الكبرى لعالم جدبد فبه النشأة الأخرى.
    كلام عالي وهو نموذج الحوار الذي أهدف اليه في علم الكلام الجديد لا أتمكن من تبسيطه لأن التبسيط ربما أخل بالمعنى أو هبط بالقيمة!!


    جسر الوعي
    يمكن للإنسان الراقي أن يخرج عن الزمان والمكان بوعيه. فهذا هو الجسر الذي يربط بين الفيزياء والميتافيزياء، بين العالم المادي والعالم الروحاني بين العالم المكاني والعالم الزماني، ذلك لأن الوعي هو من روح الله. إقتبسه الانسان من المشكاة الإلهيه بمنحة ربانية بنفخة قدسية. والوعي قدرة مميزة ذات فاعلية واقعية. والتأمل في الملك والملكوت يمكّننا من السياحة في الوجود حتى نتمكن من تجاوز الحجب المادية والعوائق التصورية. لكننا لابد أن نميز حالة الوعي عن الخيال والمخيال، فتلك هي مما دون الوعي في الإدراك. وحين نتملك ناصية الوعي ونصير إلى ذلك الجسر نستشرف آفاقاً واسعة لا حدود لها ونتنقل بين عوالم لا حصر لها، فنسيح فيما وراء الزمان والمكان بكل يسر وتيسير. وفي هذه الرحلة نفعل ونتفاعل ونرتشف من نبع الروح السامي أجمل الصفات وأحلى الملكات. يتموج أمامنا العالم في رحمة الجلال ورقة الجمال. فيكون الوصل مع الكون كله.


    ReplyDelete