LATEX

من القطع الزائد الى فضاء دى سيتر العكسى الى الثنائية الثقالية/المعيارية..

من القطع الزائد الى فضاء دى سيتر العكسى الى الثنائية الثقالية/المعيارية..
أجيب عن اربعة اسئلة:
1-لكن كيف نصل من القطع الزائد الى فضاء دى سيتر العكسى?
2-لكن ماهو فضاء دى سيتر العكسى الذى يلعب دورا استراتيجيا فى نظرية الاوتار?
3-لكن ماهو المعنى الفيزيائى للاحداثية العمودية z?
4-لكن ماهى قوة فضاء دى سيتر العكسى ودوره الحقيقى فى الثنائية الثقالية/المعيارية?
لكن كيف نصل من القطع الزائد الى فضاء دى سيتر العكسى?
قارنوا بين الخط المستقيم و الدائرة و القطع الزائد hyperbolas..
الآن تصوروا هذه الاشياء فى ابعاد عليا ..
نحصل على الفضاءات الاقليدية, الكرات و الفضاءات الزائدية hyperboloids كتعميم للخط المستقيم و الدائرة و القطع الزائد على التوالى..
بطييعة الحال اذا تصورنا الكرة عبارة عن حالة خاصة من القطع الناقص فان التعميم هو فضاء ناقصى ellipsoid..
فى الصورة الاولى نرسم القطع الزائد, فى الصورة الثانية نرسم الفضاء الزائدى بصفحة واحدة one-sheeted hyperboloid و فى الصورة الثالثة نرسم الفضاء الزائدى بصفحتين two-sheeted hyperboloid..
هذه الفضاءات الزائدية توجد فى أى عدد من الابعاد و ليس فقط فى بعد واجد (القطع زائد) او فى بعدين (الفضاء الزائدى فى الصورة)..
وايضا فان كل هذه الفضاءات الزائدية هى مغروسة embedded فى فضاء اقليدى اعلى اى ببعد اضافى..فمثلا نرسم القطع الزائد فى المستوى و الفضاء الزائدى الذى فى الصورة هو مرسوم فى الفضاء الثلاثى..وهذا ما نفعله ايضا فى الابعاد العليا-اى دائما نغرس هذه الفضاءات المنحنية فى فضاء اقليدى اعلى- رغم انه فى تلك الحالة سيتعذر اى يستحيل علينا الرسم..
الآن أدعوكم الى تصور غرس او وضع الفضاءات الاقليدية و الكرات و الفضاءات الزائدية ليس فى فضاء اقليدى لكن فى فضاء لورنتزى -اى نأخذ النسبية بعين الاعتيار- حيث يصبح الزمن مختلف عن المكان و يأتى باشارة مضادة فى المترية metric...والمترية للتذكير هو القانون الذى يسمح لنا بحساب المسافة فى اى فضاء او فضاء-زمن...
فى هذه الحالة نحصل على الفضاءات اللورنتزية التالية:
-فضاء-زمن مينكوسفكى
-فضاء-زمن دى سيتر
-فضاء-زمن دى سيتر العكسى
كتعميم للفضاء الاقليدى, للكرات (الفضاءات الناقصية) و الفضاءات الزائدية على التوالى..
و لورنتز Lorentz و مينكوفسكى Minkowski و دى سيتر de Sitter هم الرياضيون/الفيزيائيون اللذين اكتشفوا هذه الفضاءات او بالاحرى اكتشفوا قيمتها الاستراتيجية بالنسبة للفيزياء...
هذه الفضاءات-زمن الثلاثة (مينكوسفكى, دى سيتر و دى سيتر العكسى) تحل كلها معادلات اينشتاين وهى متناظرة قصويا maximally symmetric..
فضاء-زمن مينكوسفكى هو فضاء النسبية الخاصة العادى فهو اذن فضاء مسطح flat..
فضاء-زمن دى ستير (تعميم الكرة او القطع الناقص الى فضاء لورنتزى) فهو فضاء منحنى بانحناء سلمى scalar curvature موجب..هذا يعنى انه فى هذا الفضاء مجموع زوايا مثلث يكون اكبر من 180 درجة...
فضاء-زمن دى سيتر العكسى (تعميم القطع الزائدى الى فضاء لورنتزى) هو فضاء منحنى بانحناء سلمى سالب..هذا يعنى انه فى هذا الفضاء مجموع زوايا مثلث اصغر من 180 درجة..
لكن ما هو بالضبط فضاء-زمن دى سيتر العكسى الذى يعلب دورا استراتيجيا فى نظرية الاوتار?..
أعطى وصفين: وصف كونى global description و رقعة بوانكريه Poincare patch (و بوانكريه هو فيزيائى/رياضى عظيم أخر)..
- فى جملة الاحداثيات الكونية -التى تغطى كل فضاء دى ستير العكسى- فان هذا الفضاء يمكن ان نتصوره كأسطوانة..الزمن ناقص لا نهاية هى القاعدة السفلية لهذه الاسطوانة و الزمن زائد لا نهاية هى القاعدة العلوية اذن الزمن يجرى من الاسفل الى الاعلى..
محور الاسطوانة هو مركز فضاء دى سيتر العكسى اما جدران الاسطوانة فهى حد boundary فضاء دى ستير العكسى و هو حد كونفورمال conformal boundary...
اذن الذهاب من المركز الى الحد يتم عبر أخذ نصف قطر الاسطوانة من 0 الى قيمته العطمى وتساوى نصف pi\ ..
الدوران حول مركز الاسطوانة يتم عبر الزوايا -فهناك d-1 زاوية فى حالى فضاء دى سيتر فى بعد d+1- التى تصف فضاء دى ستير العكسى..انظر الصورة الرابعة..
- جملة احداثيات بوانكريه - تغطى كل فضاء دى سيتر العكسى فقط بعد تدوير ويك Wick rotation نحو الفضاء الاقليدى التى هى خطوة تقنية ضرورية جدا لتعريف نظرية الحقل-..
فى هذه الجملة نصف فضاء دى سيتر العكسى كتوريق foliation لفضاء مينكوفسى على محور قطرى..بمعنى تصور انه لدينا مجور عمودى z..من اجل كل نقطة على هذا المحور يوجد فضاء-زمن مينكوسفكى بأكمله عمودى للمحور العمودى z فى تلك النقطة..
الفضاء-زمن المينكوفسكى الموجود عند النقطة z=0 هو بالضبط الحد الكونوفورمال لفضاء دى ستير العكسى...
اما عندما تذهب الاحداثية z الى ما لا نهاية فاننا نحصل على افق horizon لفضاء دى ستير العكسى..هذا يعنى ان جملة احداثيات بوانكريه تنتهى فى هذه النقطة و ليس ان الفضاء نفسه ينتهى..
لأن فضاء دى ستير العكسى هو فضاء غير متضام non compact اى لا نهائى (رغم انه يتميز بنصف قطر) لكنه فضاء محدود كونفورمالى من جهة بحد ..هذا الحد هو نفسه فضاء-زمن مينكوسفى مكتمل..
المترية metric لاهميتها القصوى موجودة فى الصورة الخامسة...حيث ان L هو نصف قطر فضاء دى سيتر العكسى..
لكن ماهو المعنى الفيزيائى للاحداثية العمودية z?
الاحداثية z تعلب بالضبط دور سلم طاقوى energy scale بالمعنى الموجود فى نظرية معادلة اعادة التنظيم theory of renormalization group equation..اذن z يعطى الشبكة lattice التى تُعرف الفضاء-زمن المينكوسفكى الموجود عند تلك الاحداثية..وتذكروا فان الذى يُعرف نظرية الحقل لا-اضطرابيا non-perturbatively هو الشبكة المتقطعة و ليس الفضاء-زمن المستمر..اذن الاحداثية z هو بالضبط الفسحة الشبكية lattice spacing التى تعرف الشبكة..اى ان الفضاء-زمن عند النقطة z هو شبكة بفسحة تساوى بالضبط a=z اى بين كل نقطة و نقطة فى هذه الشبكة فى اى تجاه توجد مسافة a=z..
الذهاب الى الحد الكونفورمال z=0 يعنى اذن اخذ الفسحة الشبكية الى الصفر و هذا بالضبط ما يُعرف النهاية المستمرة continuum limit للشبكة ونظرية الحقل التى تعيش عليها..
اذن قيم الحقل الكمومى على الحد z=0 هى بالضبط قيم الحقل المستمرة (اى القيم الميكروسكوبية المعرفة فى الطاقات العليا اى عند ما فوق البنفسجى او ال UV)...
انظر الصورة السادسة..
وهذا الذى ذكرته آخرا رغم صعوبته هو المحور و المرتكز...
لكن ماهى قوة فضاء دى سيتر العكسى ودوره الحقيقى فى الثنائية الثقالية/المعيارية?
القوة العظمى لفضاء دى سيتر العكسى تكمن فى الآتى:
-اولا فضاء دى ستير العكسى (مثلا فى بعد d+1) يتميز بزمرة تناظرات ايزومترية isometries (التى تحفظ المترية) يُرمز لها ب SO(2,d) هى بالضبط الزمرة الكونفورمال للفضاء-الزمن المينكوفسكى فى البعد d الذى يقع فى الحد الكونوفرمال لفضاء دى ستير العكسى..
-ثانيا و اكثر من هذا فان عدد درجات حرية النظرية الثقالية التى تعيش فى فضاء دى ستير العكسى يساوى بالضبط عدد درجات حرية النظرية الكمومية غير الثقالية (وهى نظرية حقل كونفورمال) التى تعيش على الحد الكونفورمال لفضاء دى ستير العكسى الذى كما قلنا هو فضاء مينكوفسكى عادى...وهذا هو اكثر أمثلة المبدأ الهولوغرافى holographic principle دقة فى الفيزياء ..
-ثالثا واكثر من هذا فان دالة تقسيم النظرية الثقالية التى تعيش فى فضاء دى سيتر العكسى ذو البعد d+1 تساوى بالضبط دالة تقسيم النظرية الكونفورمال التى تعيش على الحد ذو البعد d الذى هو فضاء مينكوفسكى..
وتذكروا ان دالة التقسيم (وهى ايضا ما يعرف فى نظرية الحقل بتكامل الطريق) تعطى الحالة الاساسية ground state و كل دوال الربط correlation functions -اى كل شيء تريد ان تحسبه نظرية الحقل-..
اذن لدينا هنا نظرية كمومية للثقالة تعيش فى فضاء دى سيتر العكسى اين يمكن جساب اى شيء عنها انطلاقا من النظرية الكمومية الكونفورمال التى تعيش على حد فضاء دى دى سيتر العكسى الذى هو فضاء مينكوفسكى عادى فى عدد ابعاد اقل بواحد..
-رابعا نشير ان داخل فضاء دى ستير العكسى يسمى الحجم bulk بمقابل حد boundary فضاء دى سيتر..فى هذا الحجم تعيش حقول يتحكم فيها كما ذكرنا فعل action ثقالى... القيم الميكروسكوبية لهذه الحقول الحجمية فى ال UV (اى فى النهاية المستمرة التى شرحناها اعلاه) تعطى بالضبط قيم الحقل الذى يعيش على الحد الكونفورمال لفضاء دى سيتر العكسى..
هذه النقاط الأربعة هى ما يُعرف بالثنائية الثقالية/ المعيارية gauge/gravity duality...
وهى من اعظم انجازات نظرية الوتر قاطبة و لربما هى الثورة الثالثة فى الفيزياء النظرية منذ عهد الثورة النسبية لاينشتاين و الثورة الكمومية لبور و اصحابه فى بدايات القرن الماضى..
فهى فى رأيى -وهو ليس رأيى بل رأى الكثيرين جدا من المختصين و غير المختصين- انجاز اعظم من انجاز النموذج القياسى للجسيمات الاولية و النموذج القياسى للكوسمولوجيا..




المونوبولات المغناطيسية: أحد اعظم عوالم الغيب الفيزيائى التى بدأت تخرج الى الشهود..



هذه الخلاصة بالعربية للمحاضرات الحقلية حول المونوبولات التى تخرج كل اسبوع على المدونة..
هل يمكن لجملة مرتبطة bound system مشكلة من بوزونين (و البوزون boson هو اى جسيم عزم لفه صحيح) ان تؤدى الى فرميون fermion (اى عزم لف يساوى عدد نصف صحيح) ?
الجواب محال أكيد فى كل نظرية الحقول..
الا اذا كان أحد البوزونوين عبارة عن مونوبول monopole اى قطب أحادى مغناطيسى وهو جسيم بوزونى عزم لفه منعدم..
فى هذه الحالة فان البوزون الآخر يمكن ان يتحول بقدرة قادر الى فرميون..
السبب فى الاخير يرجع الى انه بالنسبة للمونوبول فان الدورانات فى الفضاء العادى ليست تناظرات له بل هو متناظر تحت تأثير الدورانات التى تندمج فيها الدورانات الفضائية مع الدورانات الايزوسبينية isospinic اى النووية..
فالمونوبول هو متناظر تحت هذا المزج من السبين spin او عزم اللف العادى و الايزوسبين isospin و هو عزم اللف النووى..
هذا لا يحدث الا فى العالم الذى يوجد فيه المونوبول..
ورغم ان المونويول المغناطيسى لم يُكتشف تجريبيا لحد الساعة الا ان الفيزيائيين النظريين متيقنون من وجوده مثلما انهم متيقنون من وجود التناظر الممتاز supersymmetry و غيرها من الافكار النظرية الأخاذة رغم عدم توفر قرائن تجريبية عليها ..
لانه بكل بساطة اى انكسار تلقائى للتناظر spontaneous symmetry breaking فى النظريات التوحيدىة الكبرى grand unified theory ستؤدى الى الى وجود مونوبولات مغناطيسية فى طيف الجسيمات لكن بكتلة ثقيلة جدا وهذا هو ربما السبب فى عدم مشاهدتها لحد الساعة..
تذكروا ان الانكسار التلقائى يعنى ان الطاقة متناظرة دائما لكن الجملة تختار تلقائيا اى ديناميكيا اى لوحدها بنفسها حالة مميزة غير متناظرة..هذا هو المقصود بالانكسار التلقائى... اى شيء آخر من الانكسار لا يمكن ان يؤدى الا الى كوارث رياضية و فيزيائية..اذن احذروا ابدا من كسر التناظرات باليد كما يفعل البعض!!...
اما ماهو المونوبول المغناطيسى بالضبط?
تصوروا جسيم يجمل شحنة مغناطيسة مثلما انه يمكنكم ان تتصوروا جسيم يحمل شحنة كهربائية..
هل يمكنكم?
كل المغناطيسية فى الطبيعة تأتى ثنائية بقطب شمالى و قطب جنوبى..هل يمكنكم تصور قطب شمالى وحيد معزول او قطب جنوبى وحيد معزول ..ذلك اذا تمكنتم من تصوره هو ما نسميه بالمونويول المغناطيسى...
ابسط من هذا تصوروا وشيعة solenoid ذات سمك لا متناه فى الصغر لكن ذات طول لا نهائى يجرى فيها تيار كهربائى مستمر..سيتولد عنها اذن حقل مغناطيسى حيث ان احد وجهى الوشيعة سيتصرف مثل القطب الشمالى أما الوجه الآخر سيتصرف كالقطب الجنوبى...
لكن نحن افترضنا انها لا نهائية الطول اذن نحن لا نستطيع ان نرى احد وجهيها لانه فى المالانهاية مثلا القطب الشمالى..كما اننا افترضنا ان نصف قطرها صغير جدا اذن نحن لا نرى الوشيعة..
اذن فى المحصلة نحن لا نرى الوشيعة و لا نرى القطب الشمالى لكن نرى فقط القطب الجنوبى..
اذن كل الوشيعة ستظهر لنا كقطب مغناطبسى احادى او مونوبول..
هذه الجملة هى التى وجدها ديراك Dirac عندما اكتشف المونوبول المغناطيسى فى الثلاثينات حيث ان الوشيعة اصبحت تعرف فى هذه الوضعية بوتر ديراك Dirac string...والوتر هو المكان الذى يتباعد فيه الحقل المغناطيسى اى يصبح غير مُعرف لانه بكل بساطة معادلات ماكسويل فى صورتها العادية التى استعملها ديراك لا تتحمل وجود المونوبول المغناطيسى..
لكن يبقى أهم اكتشاف لديراك فى هذا المجال هو ما اصبح يُعرف بشرط تكميم الشحنة الكهربائية charge quantization condition ..
فقد بين ديراك ان طوبولوجيا topology الحقل المغناطيسى الذى يولده المونوبول والذى تتحرك فيه شحنة كهربائية كيفية يتسبب فى تكميم هذه الشحنة..
بمعنى انه يكفى ان يوجد مونوبول مغناطيسى واحد فى هذا الكون حتى تكون كل الشحنات الكهربائية بكل استثناء مكممة وهذا فعلا ما نراه فى الطبيعة..فكل الشحنات الكهربائية فى الكون هى مضاعف صحيح لشحنة اساسية هى شحنة الالكترون...
الاكتشاف الاعظم جاء فى السبعينات على يد توهفت 't Hooft و بولياكوف Polyakov اللذان بينا فى نفس الوقت تقريبا و بصورة مستقلة ان اى ان نظريه حقل معيارى gauge theory تخضع الى انكسار تلقائى نحو زمرة group التفاعلات الكهرومغناطيسة التى يرمز لها ب U(1) ستحتوى على مونوبولات مغناطيسية ضرورة..
و ان الشحنة المغناطيسة هى محفوظة ليس بسبب التناظر لكن بسبب الطوبولوجيا..
فهو راجع الى كون جسيم هيغز Higgs السلمى الذى يؤدى الى الانكسار التلقائى للتناظر يعيش فى كرة و بالتالى فهو تطبيق mapping من الكرة فى المالانهاية التى تحدد الفضاء الى الكرة التى ينتمى اليها حقل الهيغز ..
هذه التطبيقات تُصنف طوبولوجيا topologically بما يسمى زمرة الهوموتوبيا الثانية second homotopy group التى فى هذه الحالة هى مجموعة الاعداد الصحيحة..
اذن الشحنة المغناطبيسة هى محفوظة لانها تساوى عدد الالتفاف winding number الخاص بهذا التطبيق اى يعطى كم مرة تلتف كرة الفضاء حول كرة الهيغز..
أليس هذا عجيب..
أكثر من هذا يمكن ان نبين ان كتلة المونوبول هى محدودة من الاسفل بكتلة الجسيمات المعيارية الشعاعية gauge vector particles المرفقة بالانكسار التلقائى للتناظر وهذا ما يسمى بقيد بوغومولناى Bogomolnyi bound...
وايضا فى النهاية المسماة ب نهاية يراساد و سومورفالد Prasard-Sommerfield limit فان كتلة المونوبول تصبح متناسبة مع شحنته المغناطيسية و هو يحل معادلات الحركة الكلاسيكية...فى هذه النهاية فان المونويول يصبح ما يعرف بحالة بوغومولناى و براصاد و سومورفيلد BPS state..
اذن المونوبول هو ليس جسيم أولى بل هو بالاحرى سوليطون soliton اى تشكيلة طوبولوجية ممتدة غير اضطرايبة وهو لا يخضع تماما لمبرهنة نوثر Noether الخاصة بالانحفاظ تحت تاثير التناظرات...
ثم جاء مونتينون Montonen و اوليف Olive و بينا ان هناك ثنائية بين الكهرباء و المغناطيسية حيث يتم فيها تحويل الحقول الكهربائية الى مغناطيسية و العكس, و الشحنات الكهربائية الى مغناطيسية و العكس, و حيث يتم فيها ايضا وهذا الاهم تحويل الجسيمات النوثرية الاضطرايبية الى مونوبولات طوبولوجية غير اضطرابية..
اذن المونوبولات تصف الجملة الكهربائية-المغناطيسية من أجل الاقترانات القوية للتفاعلات عكس الجسيمات الاولية التى تصفها من اجل الاقترانات الضعيفة للتفاعلات..
وهذا ما يجعل المونوبولات على اقصى درجات الاهمية من اجل التفاعلات النووية الكبرى ذات الاقترانات القوية بطبيعتها حيث يُعتقد ان المونوبولات هى التى ستُفسر ما يعرف ظاهرة الحبس confinement النووى الشهيرة..
هذا ما قام به صراحة فيما بعد كل من ويتن Witten و سايبرغ Seiberg فى التسعينات ثم بعدهم نيكارسوف Nekrasov لكن بعد ادخال التناظرات الممتازة الى الموضوع..
أما بدون التناظرات الممتازة فالامر مازال قيد البحث الشديد و هذه المسألة هى المسألة الفيزيائية النظرية الوحيدة بين مسائل معهد كلاى Clay Institute للرياضيات العشرة التى هى كلها مسائل رياضية بحتة وُضع من أجلها مبلغ مليون دولار لمن يحلها..
اذن الحبس هو الظاهرة الأهم بالنسبة للرياضيات و المنافسة لمسائلهم الرياضية البحتة و ليست مسألة الثقالة الكمومية او الثقوب السوداء...
لاحظوا ان فى كل نقاشى اعلاه حول المونويولات لم أتكلم ابدا عن الانسطانطونات instantons لكنها تلعب دورا محوريا نتركه لفرصة اخرى ان شاء الله..
التفصيل الرياضى و الفيزيائى لكل هذه الامور تجدوه فى المحاضرات الحقلية التى تخرج كل اسبوع على المدونة لمن هو مهتم..

بين الكوسمولوجيا و الهولوغرافيا


فضاء-زمن دي سيتر de Sitter هو الحالة الابتدائية للكون عندما كان فى طور التضخم الكونى cosmic inflation و هو ايضا الحالة النهائية للكون التى نحن الآن بصددها..
دى سيتر الابتدائى يتميز بثابت كونى cosmological constant كبير جدا يؤدى الى توسع اسى اما دى سيتر النهائى فيتميز بثابت كونى صغير وتوسع متسارع..
اما فضاء دى سيتر العكسى Anti de Sitter فهو مهم لسبب آخر و بالضبط من اجل الثقالة الكمومية حيث انه الفضاء-زمن الذى نعرف بشكل جيد أنه يطبق في ما يسمى بالمبدأ الهولوغرافى holographic principle بشكل دقيق..
والمبدأ الهولوغرافى ينص على أنه فى النظريات الثقالية فان الانتروبى entropy -اى عدد درجات الحرية او كمية المعلومات- المُخزن فى حجم فى الفضاء-زمن معين هو محدود بأنتروبى ثقب اسود محتوى داخل هذا الحجم..
بعبارة اخرى فان انتروبى هذا الحجم من الفضاء-زمن هو متناسب مع السطح الذى يحدد هذا الحجم و ليس متناسب مع الحجم كما هو الحال فى النظريات غير-الثقالية...
فضاء دى سيتر العكسى هو اذن الفضاء-زمن الذى يظهر فى النظرية الاساسية المشهورة المسماة ب AdS/CFT التى تعتمد بشكل اساسى على المبدأ الهولوغرافى و التى تنص على ان الثقالة الكمومية حول فضاء دى سيتر العكسى AdS هى نظرية حقل كمومى كونفورمال اى هى نظرية كمومية تتميز بتناظرات كونفورمال conformal symmetries (اى تناظرات تحتوى على الانسحابات و الدورانات و التدرجات scalings و دوفوعات لورنتز Lorentz boosts)...
و من أهم الانجازات ايضا فى هذا المجال هو الانتروبى التشابكى الهولوغرافى holographic entanglement entropy -اى الانتروبى الراجع الى التشابك الكمومى و هو اكثر الانواع اساسية-الذى يحسب فى نظرية ال AdS/CFT باستخدام علاقة ريو و تاكاناغى
Ryu-Takayanagi formula
وهو احد اهم الانجازات الحديثة حيث اصبح التشابك الكمومى مع المبدأ الهولوغرافى يلعبان دورا حيويا فى هذا المجال حيث ينبعث الفضاء-زمن بالكلية و كل شيء فيه من النشابك الكمومى...
الفيزيائيان الشابان ريو و تاكاناغى بالمناسبة دخلا تاريخ الفيزياء بسبب اكتشافهما لهذه العلاقة بين التشابك الكمومى و المبدأ الهولوغرافى و اتبعاث الفضاء-زمن...
وبالمناسبة ايضا فان فضاء دى سيتر dS (وهو ذو انحناء curvature موجب مثل الكرة) و فضاء دى سيتر العكسى AdS (وهو دو انحناء سالب مثل الهايبربولويد hyperboloid) هما شقيقان من بين ثلاثة اشقاء (الآخر هو فضاء-زمن مينكوسفكى المسطح flat للنسبية الخاصة) تسمى الفضاءات المتناظرة قصويا maximally symmetric اى التى تتميز بأكبر عدد ممكن من التناظرات التى يمكن ان يتميز بها اى فضاء من نفس البعد..
بعبارة اخرى فان هذه الفضاءات الثلاثة تحقق المبدأ الكوسمولوجى المثالى perfect cosmological principle الذى ينص على ان جميع اللحظات الزمنية و جميع النقاط فى الفضاء متكافئة اى يظهر منها الفضاء لأى ملاحظ بنفس الطريقة ...
وهذه الفضاءات الثلاثة هى ايضا خلول لمعادلة اينشتاين للنسبية العامة...اذن يمكنم ان تبدأوا فى دراستها انظلاقا من هذه المعادلات الاساسية التى تتحكم فى الثقالة الكلاسيكية...

انبعاث الزمن من التشابك الكمومى- الجزء اﻷول..



هذا الجزء يحتوى على القسم النظري و القسم الفلسفى اما الجزء الثانى فسيحتوى على القسم التجريبى فترقبوه..
الزمن فى الميكانيك الكمومى هو زمن مطلق كونى..
أما الزمن فى النسبية العامة فهو زمن نسبى ديناميكى..
هذا هو أحد الاسباب المهمة التى تجعل توحيد الميكانيك الكمومى مع النسبية العامة فى نظرية واحدة -نظرية الثقالة الكمومية او ايضا ما يعرف باسم بنظرية كل شيء- امر صعب جدا بل لربما مستحيل مع الرياضيات التى بحوزتنا الآن..
هذا هو ايضا أحد الاسباب التى تجعل جميع محاولات التوحيد التقليدية تعطينا ما يسمى نظرية ثقالة غير قابلة للتنظيم non-renormalizable بمعنى انها تحتوى على عدد لا نهائى من التباعدات فوق البنفسجية untraviolet divergences (أى المالانهايات الفيزيائية) و هذا غير مقبول لا فيزيائيا و لا رياضيا تماما..
لكن هناك دائما اسثنناء.. يجب علينا فقط ان ندفع الثمن المناسب!!..
الفيزيائى المبدع ويلر Wheeler -استاذ فايمان Feyman- و الفيزيائى الآخر الذى لا يقل ابداعا ديويت De Witt تمكنا فى الستينات من توحيد الميكانيك الكمومى و النسبية العامة بالفعل فى معادلة واحدة بعد ان تخلصا بالكلية من كل من زمن الميكانيك الكمومى المطلق و زمن النسبية العامة الديناميكى..
اذن هذه المعادلة الفريدة التى تسمى اليوم معادلة ويلر-ديويت Wheeler-De Witt equation (وهى بعبارة اخرى معادلة شرودينغر الخاصة بمترية metric الفضاء-زمن) هى معادلة لا تحتوى على اى تباعدات مطلقا -وهذا جيد جدا و هو كان الهدف الاصلى- لكنها ايضا لا تحتوى على اى زمن -وهذه معضلة أخرى كبيرة جدا و هى تعرف اليوم بمعضلة الزمن problem of time-...
اذن حسب معادلة ويلر-ديويت فان الكون ساكن لا يتطور فى الزمن لأنه بكل بساطة لا يوجد زمن اصلا فى هذه المعادلة..
لكننا نلاحظ بداهة ان كل شيء حولنا فى الكون يتطور فى الزمن-فنحن لم نكن ثم كنا ثم نموت وهذا ابسط لكن اهم مثال-..
اذن كيف التوفيق بين كون هذه المعادلة لا تحتوى على زمن و بين كوننا نعيش فى زمن نراه و نقيسه-بافتراض ان ذلك ليس بوهم!!-...
احد افضل الحلول جاء به الفيزيائيان باج Pgae و ووترز Wootters عن طريق انبعاث emergence الزمن من التشابك الكمومى quantum entanglement..
فى هذا الحل نفترض اننا نستطيع ان نقسم الكون الى جملتين: الجملة الاولى تسمى الساعة C -وهى فعلا ستلعب دور الساعة- اما الجملة الثانية R فهى كل شيء آخر فى هذا الكون..ونفترض ان كل التفاعلات بين جملة الساعة و جملة بقية الكون مهملة او يمكن اهمالها...وأنه لا يوجد الا تفاعل واحد هو التشابك الكمومى بين الساعة C وبقية الكون R...
اذن الكون هو ببساطة حالة متشابكة كموميا من الساعة C و يقية الكون R..
نفترض ان هناك ملاحظ خارجى -خارج الكون- يرى فعلا الكون فى حالة ساكنة تخضع لمعادلة ويلر-ديويت..
ونفترض ان هناك ملاحظ آخر داخلى -اى داخل الكون- يستخدم الساعة لقياس الزمن الخاص به..
يمكن ان نبين أنه بالنسبة لهذا الملاحظ الداخلى فان بقية الكون R ستظهر و كأنها تتطور فى الزمن الذى يقيسه نفس هذا الملاحظ باستخدام الساعة C..
اذن نموذج بايج-ووترز يعطى حل انيق جدا و بسيط جدا لمعضلة الزمن فى معادلة ويلر-ديويت: بالنسبة لأى ملاحظ خارجى فان الكون فعلا ساكن كما تتنبأ به معادلة ويلر-ديويت و بالتالى لا يوجد زمن, اما بالنسبة لأى ملاحظ داخلى يستخدم اى جزء من الكون كساعة, فان الكون يظهر و كأنه يتطور و يتغير فى الزمن حسب معادلة شرودينغر العادية...
هذا فعلا رائع..
أما من الناحية الفلسفية فهذا منسجم مع رأى ليبنيز فى ان الزمن (وكذا الفضاء) هو ليس بشيء لكنه هو ترتيب للاشياء و هى نظرة تعرف بالعلائقية relationalism عكس نظرة نيوتن التى تسمى بالمطلقية absolutism..
لكن من الجهة الاخرى ليس واضحا مدى الخلاف بين نظرة ليبنيز (العلائقية) و بين نظرة كانط المسماة ب (المثالية المتسامية transcendental idealism) التى فيها ان الزمن هو أحد انماط التفكير و العقل و الاستعراف...
اذن هل الزمن علاقة أم انه نمط تفكير?..
فحتى العلاقة التى تعطيها الساعة تتطلب عقل و تفكير..
و حتى اينشتاين صاحب النسبية الذى كان يجب ان يكون مع العلائقية -لانها نوع من النسبية او بالاحرى هى نسبية فلسفية- هو صراحة ينص -مثل كانط-على أن الزمن هو نمط تفكير (انظر مقال ويلر الذى حملته البارحة على النادى)...
بعبارة اخرى, فان القياس الذى تم على الساعة من طرف الملاحظ الداخلى هو فى الاخير عملية قياس كمومية أى انها تؤدى بنا مباشرة الى معضلة دور العقل فى عملية القياس و هذه الاخرى من أخطر المعضلات ...
فى الاخير اقول ان نموذج بايج-ووترز تم التحقق منه تجريبيا مؤخرا بشكل مذهل..أما وصف هذه التجربة نتركه للفرصة القادمة ان شاء الله..
اذن نرى من كل هذا -و بشكل مباشر- كيف يمكن للزمن ان ينبعث من التشابك الكمومى..
أما انبعاث الفضاء-زمن من التشابك الكمومى فهذا ايضا موجود نظريا على الأقل و نستخدم فيه بشكل محورى الثنائية الثقالية/المعيارية و بالخصوص المقابلة AdS/CFT...اذن هذا اعقد بكثير يصعب شرحه بأى طريقة...
 

صراع النساء!


هل المادة المظلمة هى جسيم واحد (مثلا الأكسيون axion او الويمب WIMP) أم هو قطاع كامل من الجسيمات المظلمة المتفاعلة فيما بينها عبر قوى مظلمة غير معروفة?..
فى الحالة الأولى فان كل مجرة ستكون مُغلفة فى هالة halo من المادة المظلمة..
أما فى الحالة الثانية فان التفاعل بين الجسيمات المظلمة سيؤدى الى تحرير طاقة و بالتالى الى برودة و استقرار هذه الجسيمات وانهيارها الى حالات ذات طاقة اقل تسمى الاقراص المظلمة dark discs التى تدور حول مركز المجرة..
هذا يشبه كثيرا استقرار الكواكب -عند تشكلها و استقرارها- فى مدارات كيبلرية مستوية حول الشمس او استقرار الغاز و النجوم فى تجمعات تشبه الفطائر عند تشكل المجرات...
الفيزيائية النظرية المشهورة ليزا راندل Lisa Randall تعتقد ان المادة المظلمة هى قطاع كامل و ليس جسيم واحد..
وتقول ايضا -فى كتابها (المادة المظلمة و الديناصورات)- ان القرص المظلم الموجود فى مستوى مجرة درب التبانة هو الذى يتسبب فى زيادة كبيرة جدا لعدد المذنبات و النيازك التى تضرب الارض كل 35 مليون سنة وهذا مما يؤدى الى انقراض شبه شامل للجياة على الارض بشكل دورى..
هذه الانقراض الدورى راجع الى أنه كلما مرت المجوعة الشمسية عبر القرص المظلم فى دورانها حول مجرة درب التبانة فانها تؤدى الى زعزعة استقرار الاجرام السماوية التى تصادفها فى طريقها و منه الزيادة الهائلة لعدد الاجرام التى تصطدم بالارض كمذنبات و نيازك...
الفيزيائية الكوسمولوحية الصاعدة كاتلين شوتز Katelin Schutz فى آخر ابحاثها التجريبية مع زملائها دمرت كل هذا المشروع الجميل لصاحبته ليزا راندل بعد ان بينت عند دراسة جزء كبير جدا من النجوم التى يمسحها القمر الصناعى الأوروبى غايا Gaia انه لاوجود لأى قرص مظلم فى مستوى مجرة درب التبانة..
وهذا هو صراع النساء



نحن نعرف الأسد من مخالبه


نيوتن هو واحد من اعظم الفيزيائيين قاطبة, واول فيزيائى نظرى, وهو ايضا رياضى عملاق, وفليسوف متوسط..
أما ليبنيز فهو واحد من اعظم الفلاسفة العقلانيين قاطبة, و هو ايضا رياضى عملاق, و فيزيائى متوسط..
لكن الصراع الذى وقع بين ليبنيز و نيوتن (او بالاحرى بين و بسبب اتباعهما) هو بخصوص الرياضيات حيث تتساوى قوة الرجلان الفكرية تماما..
فمن أهم اكتشافات نيوتن التحليل calculus وهو الرياضيات التى تدرس التفاضل و التكامل و النهاية و النشر و غيرها من المواضيع التى تقع فى اساس الميكانيك و كل الفيزياء...
لكن ليبنيز أكتشف التحليل ايضا بطريقة مستقلة مختلفة تماما و فى نفس الوقت تقريبا و هو الذى وضع الترميز المعروف باسم التفاضلات differentials الذى يستعمل اليوم فى كل كتب التحليل..
أما نيوتن فهو عندما وضع علم التحليل مع بداية عام 1666 -يعنى قبل ليبنيز بحوالى تسعة سنوات- فانه استخدم ترميز مختلف يعرف باسم التدفق fluxions...
المشكلة -التى وقعت بسبب الاتباع فيما بعد- ان نيوتن لم ينشر اكتشافه للتحليل باستخدام التدفق الا فى كتابه البرنسيبيا principia عام 1687 فى قالب هندسى, و لم ينشره كاملا مفصلا الا عام 1704, اما ليبنيز فان التحليل الذى طوره باستخدام التفاضل ظهر منشورا عام 1684...
اذن لمن تعود اولية اكتشاف التحليل..هل تعود لنيوتن ام تعود لليبنيز?..
هذا الجدال لم يظهر الى السطح الا عام 1699 عند اتهام بعض اتباع نيوتن لليبنيز بالسرقة العلمية -وهو اتهام مر مرور الكرام الى حين- ثم عاود الى الظهور بشدة فى عام 1704 عند الاتهام المعاكس الذى قام به بعض اتباع ليبنيز لنيوتن واتهامهم لنيوتن بسرقة فكرة التحليل من ليبنيز..
هنا عندما تم اتهام نيوتن بهذا الشكل السافر وقع رد فعل شديد جيث بدأ الرياضيون فى الشك بنزاهة ليبنيز..
ﻷنه لا احد شك أبدا فى اولوية نيوتن رغم انه لم يبرهن عبر النشر فى وقته انه الصاحب الاصلى لفكرة التحليل..فالتدفق كان سر محفوظ الا على قلة قليلة من اتباع نيوتن..فقد كان نيوتن -لأسباب غير واضحة- و عن سبق اصرار و ترصد يخفى تقنية التدفق و نظرية التحليل حتى خرج ليبنيز بكتبه حول الموضوع..
رغم هذا التستر لم يشك احد فى نزاهة نيوتن او اولويته..وقد اثبتت الابحاث التاريخية فيما بعد ان نيوتن فعلا بدأ التفكير فى التحليل و استخدامه فعليا فى حدود عام 1666...ومنه فان كلمته امام ليبنيز كانت منسجمة تماما مع القرائن التاريخية المكتوبة..
اما أتباع ليبينيز -وربما ليبنيز نفسه- فقد تورطوا فى الشخصى فى خلافهم مع نيوتن..ثم ان ليبنيز نفسه قام بتغيير بعض مخطوطاته لسبب او لآخر خلال احتدام الصراع..ثم اكثر من هذا فان ليبنيز نفسه قدم عريضة الى الجمعية الملكية للتحقيق فى الموضوع و كان تقريرها لصالح نيوتن مائة بالمائة...
ورغم هذا فان الابحاث التاريخية فيما بعد اوضحت ان ليبنيز فعلا لم يتواصل الا بالحد الادنى مع مخطوطات نيوتن التى كانت بحوزته حول موضوع التحليل و انه قد يكون فعلا قد اخذ بعض الهامه من تلك الافكار لكن ابداعه للتحليل يبقى فعلا اصلى مستقل و عميق..ﻷن الكل ايضا لا يشك فى عبقرية ليبنيز الفكرية فهو قامة جبارة فى الفلسفة لن يعجزه قليل من التحليل وهذا هو فعلا الوضع..
اذن التحليل جاء به كل من نيوتن و ليبنيز بشكل مستقل..
فنيوتن لا غبار عليه فى السبق الزمانى..
لكن ليبنيز لم يكن فعلا على دراية كافية بالامر كما صاغه نيوتن.. كما ان صياغة ليبنيز هى الصياغة التى سيطرت بعد ذلك على التحليل..
فأول كتاب فى التحليل كان كتاب لوبيتال L'Hopital و فيه لا تجد الى تنظير ليبنيز..رغم ان لوبيتال فى هذا الكتاب-وهو تلميذ ليبنيز و من اتباعه- يعترف ايضا بعمل نيوتن فيقول مثلا عن كتاب نيوتن البرنسيبيا انه كله حول التحليل..
ومن النوادر بخصوص هذا الامر ان الرياضى الآخر الكبير برنولى Bernoulli -وهو تلميذ آخر لليبينيز- قدم فى جوان 1669 تحدى لأذكى الرياضييين الاوروبيين -كان المقصود به نيوتن بالخصوص- فى حل معضلة مشهورة فى الميكانيك تعرف باسم منحنى البراكيستوكرون brachistochrone curve...وهى كالآتى:
-ماهو المنحنى الذى يربط اى نقطتين A و B مختلفتين فى الارتفاع لكنهما غير شاقوليتين الذى يسقط عبره جسم خاضع فقط لقوة جذب ثقالى منتظمة بدون احتكاك فى اقصر وقت ممكن.
اذن منحنى البراكيستوكرون هو منحنى السقوط باقصر وقت..
برنولى -مدفوعا من ليبنيز على ما يبدو- كان يعرف الحل كما انه كان يعرف ان لا احد يمكنه ابدا الاجابة على هذا السؤال بدون معرفة قدر معتبر من التحليل (بالخصوص يجب معرفة حساب التغايرات variational calculus للداليات fonctionals و ليس فقط معرفة حساب تغيرات calculus of variations الدوال fonctions )...
برنولى قدم هذا التحدى لكل الرياضيين الاوروبيين و اعطى لهم مهلة ستة اشهر..لكن لا أحد ارسل اى حل خلال هذه الفترة باستثناء ليبنيز نفسه و لوبيتال..بطلب من ليبنيز نفسه فان برنولى مدد الى مهلة اضافية قدرها ستة اشهر اخرى ..
لكن هذه المرة برنولى ارسل شخصيا المسألة الى نيوتن الذى وصلته المسألة يوم 27 جانفى 1697 على الساعة 4 مساءا بعد فراغه من عمله كمدير هيئة صك العملة البريطانية..سهر نيوتن مع المسألة الى غاية الساعة 4 صباحا بدون نجاح..لكن فى اليوم الموالى كان قد وجد الحل و ارسله مباشرة الى رئيس الجمعية الملكية من اجل النشر لكن تحت اسم مستعار..
الحل الذى اعطاه نويتن كان صحيح..هل فى ذلك شك!
و رغم ان حل نيوتن كان تحت اسم مستعار فان برنولى عندما قرأه عرف مباشرة انه نيوتن -لا يمكن ان يكون أحد غيره- فقال:
نحن نعرف الاسد من مخالبه
we recognize the lion by his claw
أما ماهو الحل?..
أى ماهو اقصر طريق سقوط فى المدة الزمنية بين نقطتين مختلفتين فى الارتفاع غير شاقلويتين -اى ليستا عموديتين- لجسم لا يخضع الا لقوة جذب ثقالى منتظمة -اى ثابتة لا تتعلق بالارتفاع-?..
الطريق -و هذا ما يسمى منحنى البراكيستوكرون- هو منحنى معروف رياضيا يسمى الدويرى او السيكلويد cycloid..هذا المنحنى هو المنحنى الاحمر فى الصورة الثانية..
هذه مسألة كنت قد اعطيتها فى امتحان مادة الميكانيك فى السنوات الماضية..انظر التمرين الثالث فى الصورة الاولى..
اذن من اراد معرفة كيف يعمل بالضبط التحليل فى هذه المسألة الفيزيائية وماهى بالضبط معادلة الدويرى عليه حل هذه المسألة..


نبتون: كيف تكتشف الرياضيات شيئ فيزيائي قبل ان تراه التجربة و المشاهدة..


تعريف الكوكب حسب ال IAU وهو الاتحاد الفلكى الدولى فى المجموعة الشمسية هو:
1-ان يكون الجسم يدور حول الشمس
2-ان يكون الجسم ثقيل الى الحد الكافى بحيث يكون فى حالة التوازن الهيدروستاتيكى hydrostatic equilibrium اى تتوازن قوة الجذب الثقالى وقوة الضغط..بعبارة ابسط الجسم شكله تقريبا كروى...
3-والشرط الثالث حتى يكون الجسم كوكبا سيارا حول الشمس هو ان يكون الجسم قادر على تطهير جواره حول مداره
clearing the neighbourhood around its orbit
من كل الاجسام الاخرى..
هذا يعنى اى ان يكون الجسم قادر على قذف scatter كل الاجسام الاخرى التى يصادفها على مدراه بعيدا عن جواره, او تحويلها الى اقمار تدور حوله, او تلحيمها accrete -اى اكتساب كتلتها بمعنى امتصاصها- اليه..
الاجسام التى تحقق هذه الشروط الثلاثة فى المجموعة الشمسية هى الكواكب..
الاجسام التى تحقق الشرط 1 و 2 لكنها لا تستطيع تطهير الجوار حول المدار فهى تسمى الكواكب القزمة dwarf planets و اول هذه الاجسام هو بلوتو Pluto الذى كان يعتبر كوكب لكن اليوم رسميا لا يعتبر كوكب بل كوكب قزم..
وهناك 5 كواكب قزمة فى المجموعة الشمسية هى بلوتو, ايريس Eris, سيريس Ceres, هوميا Haumea و مايكمايك Makemake ...
والقرار اعلاه تم اتخاذه من قبل ال IAU فى عام 2006 فقط بعد اكتشاف ايريس الذى هو اثقل من بلوتو..
بلوتو و ايريس و غيره من الكواكب القزمة (واجسام اخرى كثيرة تعرف باسم ال SSSB لا تحقق الا الشرط الاول اعلاه) تقع كلها فى مدارات وراء نبتون Neptune فى ما يعرف بحزام كويبر Kuiper belt...
اذن نبتون هو الكوكب الثامن و الاخير فى المجموعة الشمسية..
ومن التصحيحات الحديثة ايضا فان نبتون (مع اورانوس) هو عملاق جليدى ice giant وليس عملاق غازى gaz giant (مثل المشترى و زحل) اى انه يتشكل اساسا من الميثايين و الأمونيا و الماء و ليس من الهيجروجين و الهيليوم...
ونبتون هو ايضا الكوكب الوحيد الذى اكتشف رياضيا اولا قبل المشاهدة التجريبية...
حيث ان الكسى بوفارد Alexis Bouvard نشر فى عام 1821 جداول لمواقع الكوكب الجار اورانوس حسب الحساب الذى تعطيه قوانين كيبلر Kepler's laws..
لكن المشاهدة بعد ذلك بينت ان الكوكب اورانوس يمسح مدارات مختلفة قليلة عن الحساب الذى تعطيه قوانين كيبلر..
اذن بوفار افترض ان هناك كوكب غير مرئى قريب من اورانوس يؤدى الى اضطراب المدار المشاهد..
تذكروا ان قوانين كيبلر تفترض ان الكوكب يدور حول الشمس تحت تأثير قوة الجذب الثقالى العام..اذن وجود جسم ثالث بالقرب سيؤدى الى اضطراب فى المدار الكيبلرى..وهذا هو المشاهد..اذن هناك بالفعل جسم بالجوار الذى هو الكوكب نبتون..
يمكن تعيين موقع هذا الكوكب الاضافى عن طريق اعادة حساب مدار اورانوس (بافتراض وجود جسم ثالث الآن) ثم المقارنة مع مدار اورانوس المشاهد تجريبيا..
هذا الحساب قام به بين عامى 1845-1846 كل من جون كوش ادامس John Couch Adams و اوربان لو فيغيي Urban Le Verrier و تم حساب الموقع الذى يجب ان يكون فيه الكوكب نبتون حتى يُمكن ان نفسر المدار المشاهد لاورانوس ..
لو فيغيى ارسل الحساب و الموقع المتوقع لنبتون الى يوهان غوتفريد غال Johann Gottfried Galle الذى اكتشف الكوكب نبتون -صدقوا او لا تصدقوا- فى نفس اليوم الذى تلقى فيه رسالة لو فيغيى بخطأ اقل من 1 درجة بالمقارنة مع الحساب النظرى...
وهذه قصة من كلاسيكيات الفيزياء..

صليب اينشتاين ومبدأ كوبرنيكوس

صليب اينشتاين ومبدأ كوبرنيكوس: نحن لا نحتل مركز الكون و لا نتشكل حتى من المادة المركزية لهذا الكون..
كل المادة التى تشكل اجسامنا و الأرض و الكواكب و النجوم و المجرات و التجمعات هى مادة باريونية baryonic matter أى مادة عادية متشكلة من البروتونات protons و النيوترونات neutrons وغيرها من الباريونات (وهى الجسيمات المتفاعلة بقوة strongly interacting التى تعمم البروتونات و النيوترونات)..
لكن هذه المادة رغم كل شيء لا تصل الا الى 5 بالمائة من اجمالى كتلة الكون..أى أنها مهملة جدا حسب أغلب المقاييس...
جميع القرائن التجريبية تدل على أن اغلب المادة فى الكون هى تأتى فى شكل غير-باريونى non-brayonic اى مادة لا تتفاعل عبر القوة النووية القوية او الكبرى strong nuclear interaction...
و أهم انواع هذه المادة غير-الباريونية نجد المادة المظلمة بحوالى 25 بالمائة من اجمالى كتلة الكون..
والمادة المظلمة هى مظلمة بالضبط لانها لا تمتص و لا ترسل الضوء و كل تأثيرها يتم عبر قوة الجذب الثقالي وعليه فان اهم طرق رصدها طريقان اثنان هما:
-اولا اما عبر التأثيرات الثقالية المتبادلة بين المجرات التى تُرصد فى منحيات دوران المجرات galaxy rotation curves حيث نجد ان المادة المضيئة الباريونية -التى نراها على التليسكوبات- لا تكفى فى وصف الدوران المشاهد للمجرات..و هذه الطريقة قد تكلمت عليها من قبل (انظر المدونة او الكتاب)...
-ثانيا عبر رصد تأثير قوة الجذب الثقالى للمادة المظلمة على مسارات الضوء وبالخصوص فى اطار ما يسمى العدسات الثقالية gravitational lenses ...
فنحن عندما نشاهد كوازار quasar (اى نواة مجرة galactic nuclei نشطة ذات اضاءة عالية) من الارض, و بافتراض ان هناك مجرة ذات كتلة هائلة فى طريق الضوء بين الكوازار و الارض, فان هذه المجرة ستلعب دور عدسة ثقالية..
بمعنى ان الضوء الصادر من الكوازار سيتم حنيه او عطفه deflected عندما يمر فى الحقل الثقالى للمجرة (النسبية العامة general relativity لاينشتاين Einsetin) بطرق مختلفة (مثلا المرور عبر اعلى المجرة أو عبر اسفل المجرة فان الانحناء سيتم بشكل مختلف) و منه نرى فى المحصلة عدة صور-اى صور مضعفة- للكوازار على الارض..انظر الصورة الاولى..
اذن المجرة فى الوسط-بين الارض و الجسم المرصود- تلعب دور العدسة التى تُحرف صور الاجسام البعيدة..
وهذا ما يسمى بالعدسة الثقالية...
ومن اروع نماذج العدسات الثقالية المعروفة فى الكون نجد ما يسمى صليب اينشتاين Einstein cross..
فى هذه الحالة فان الكوازار يظهر على الارض على شكل اربعة اجسام مختلفة -ظاهريا و ليس حقيقيا مثل السراب- بسبب مجرة حلزونية spiral galaxy عملاقة متموضعة بيننا على الارض و بين الكوازار الخاص بصليب اينشتاين..
انظر الصورتين 2 و 3 وهما صورتان حقيقيتان مع اضافة التوضيح...
من الواضح اذن ان قوة العدسة الثقالية تتعلق بكمية الكتلة المحتواة فى المجرة العدسة..سواء هذه الكتلة كانت مرئية (مضيئة) او غير مرئية (مظلمة)..
النتيجة التى وصل اليها العلماء بعد التحليل المكثف للعدسات الثقالية ان اكثر من 90 بالمائة من الكتلة التى تشارك فى شدة العدسات الثقالية هى فى الحقيقة كتلة غير مرئية اى انها مادة مظلمة..
فى الخلاصة نحن نتشكل اذن من مادة نادرة فى الكون (المادة المضيئة) وليس من المادة المظلمة المهيمنة (ولا من الطاقة المظلمة الاكثر هيمنة) ومنه فان مبدأ كوبرنيكوس Cpernicus فى ان الارض لا تحتل موقعا مميزا فى الكون -الارض ليست هى مركز الكون- يجب تعميمه الى المبدأ الادق:
بالاضافة الى كوننا لا نحتل مركز الكون فنحن لسنا حتى مشكلين من المادة الاساسية المكونة لهذا الكون..
فالمادة المشكلة لاجسامنا (ووعينا وعقولنا و ارواحنا!!!) هى مادة باريونية عادية -اقل من 5 بالمائة- و هى لا تحتوى على المادة المظلمة و لا على الطاقة المظلمة و لا على المادة المنحلة degenerate matter التى نجدها فى الثقوب السوداء black holes و النجوم النيوترونية Neutron stars و النجوم الكواركية quark stars و الاقزام البيضاء white dwarfs..
اذن مادة الكون هى فى الأغلبية مادة مظلمة -حوالى 25 بالمائة- و اهمها المادة المظلمة الباردة cold dark matter (باردة لانها تتحرك بسرعة صغيرة امام سرعة الضوء اما المادة المظلمة الساخنة مثل النيترينوات neutrinos فتتحرك بسرعات ضوئية)...
المادة المظلمة الباردة هى متشكلة-أو يُعتقد- من الجسيمات المسمات بالويمبيات (مفرد ويمبية WIMP) وهى جسيمات ثقيلة متفاعلة عبر القوة الضعيفة weakly interacting massive particles التى تظهر فى التمديد التناظرى الممتاز suêrsymmetric extension للنموذج القياسى standard model للجسيمات الاولية ...
وهذه هى بعض نتائج تحالف فيزياء الجسيمات-الفيزياء النظرية- الفيزياء الكونية ..فهل تجدونها مقبولة!!




المالانهاية و فرضية الاستمراية و اسس الرياضيات



أصلية cardinality مجموعة ما هو عدد عناصر هذه المجموعة..
لكن الاصليات تختلف فيما بنيها..
فهناك مجموعة أكبر من مجموعة و بالتالى فان اصلية المجموعة الاولى اكبر من اصلية المجموعة الثانية..
هذا الامر يبدو حدسى و لربما حتى بديهى بالنسبة للمجموعات المنتهية اى التى عدد عناصرها محدود..
لكن العجيب جدا فى هذا الامر انه امر صحيح حتى بالنسبة للمجموعات غير المنتهية اى التى عدد عناصرها غير محدود لا نهائى...
فهناك مجموعات لا نهائية اكبر من مجموعات لا نهائية اخرى...
اى ان اللانهاية تختلف مقاديرها او بعبارة اخرى فان هناك اعداد لانهائية اكبر من اعداد لا نهائية اخرى...
هذه الاعداد اللانهائية تسمى الاعداد العابرة للنهاية transfinite numbers وهى موضوع نظرية المجموعات لصاحبها العبقرى الالمانى كانتور Cantor..
فمثلا اصلية الاعداد الطبيعية هى عدد لانهائى عابر للنهاية يسمى aleph-null يمكن ان نرمز له ب N0 لكنه رغم انه لا نهائى فانه عدد اصغر من اصلية الاعداد الحقيقية التى هى الاخرى عدد لانهائى عابر للنهاية يسمى c و نرمز له ايضا ب N1...
اذن N0 و N1 هما عددان لانهائيان عابران للنهاية لكن N0 اصغر قيمة من N1...
هذا الامر يمكن البرهان عليه باستعمال برهان الشطب القطرى Cantor slash arugment لكانتور (وقد شرحته فى منشور تفصيلى منذ اكثر من سنة و نصف على المدونة) الذى يعتمد على محولة بناء تقابل bijection او تباين injection بين المجموعات اللانهائية مثل مجموعة الاعداد الطبيعية و مجموعة الاعداد الحقيقية..
باستعمال هذا البرهان يمكن ايضا ان نبين ان الاصلية N1 هى فى الحقيقة تساوى الى 2 مرفوع للقوة N0...انظر المعادلة فى الصورة...
اى ان الاعداد الحقيقية هى مجموعة كل مجموعات الاعداد الطبيعية او ما يعرف باسم مجموعة الاستطاعة power set...
اذن لانه لا يوجد تقابل بين مجموعة الاعداد الطبيعية و مجموعة الاعداد الحقيقية فاننا نقول ان مجموعة الاعداد الحقيقية هى مجموعة غير معدودة uncountable بينما مجموعة الاعداد الطبيعية هى مجموعة معدودة countable...
كانتور بين ان هناك عدد لا نهائى من الاعداد اللانهائية العابرة للنهاية ليس فقط N1 و N0 وان هذه الاعداد اللانهائية تترتب فيما بنيهما كغيرها من الاعداد...
هذه النظرية تسببت فى حرب شعواء على كانتور من الرياضيين و الفلاسفة و الكنيسة -التى كانت تعتقد ان هناك شيء مالانهائى وحيد هو الله وهو ايضا رأى المتكلمين المسلمين من المعتزلة و الاشاعرة فى القديم متابعين فى ذلك ارسطو الذى كان يقر بوجود المالانهاية الكامنة فقط- ...
و للاسف فقد ادى الضغط النفسى الذى تعرض اليه كانتور من الآخرين بسبب نظريته هذه للمجموعات الى الانهيار العصبى و دخول مستشفى الامراض العقلية فى آخر حياته...
لكن كانتور انجز أكثر مما ذكرت اعلاه فقد قدم فرضية عميقة تعتبر اشهر فرضية رياضية لم تبرهن لحد الساعة هى فرضية الاستمرارية continuum hypothesis التى تنص بكل بساطة على انه لا يوجد اى عدد لانهائى عابر للنهاية بين اصلية الاعداد الطبيعية N0 و اصلية الاعداد الحقيقية N1...
وكما ترون فهى بسيطة جدا على الفهم لكنها اعمق فرضية على الاطلاق لانها تتموضع فى اساس المنطق الرياضي المبنى على نظرية المجموعات...
وقد وضعها هيلبرت Hilbert عام 1900 على رأس قائمته لاهم المسائل الرياضية غير المحلولة فى القرن العشرين (فرضية ريمان التى شرحتها الاسبوع الماضى رتبها هيلبرت الثامنة اما فرضية الاستمرارية فقد رتبها هيلربت الاولى من بين 23 مسألة لاهميتها القصوى فى اسس الرياضيات و المنطق)...
من الجهة الاخرى...
فان نظرية المجموعات لانها تتعامل كثيرا مع المالانهاية فانها تُصاغ عموما داخل انظمة بديهية من اجل ضبط محتواها semantic و معناها syntax بشكل اكبر..
ومن اشهر هذه الانظمة البديهية فى الرياضيات نجد نظرية مجموعات زارميلو-فراينكل Zermelo–Fraenkel set theory للرياضييين زارميلو و فراينكل, مدعمة بما يسمى بديهية الاختيار axiom of choice وهما يشكلان معا ما يسمى نظرية مجموعات ZFC...
بديهية الاختيار و البديهية المنافسة المعروفة باسم الاجبار forcing يحتاجان الى منشور لوحدهما من اجل توضيحهما...
لكن فى هذا النظام البديهى لنظرية مجموعات ZFC لا يمكننا ان نبرهن لا على صحة و لا على خطأ فرضية الاستمرارية مما يدل على استقلالية هذه الفرضية عن اقوى نظام بديهى اساسى يحكم نظرية المجموعات و بالتالى تموضع فرضية الاستمراية على قدم المساواة تماما مع هذا النظام البديهى نفسه اى كبديهية فى اساس الرياضيات...
أما لماذا هذا يهمنا..اولا فالمنطق اساس الرياضيات و الرياضيات اساس الفيزياء..اذن علينا معرفة نقاط ضعف المنطق و الرياضيات حتى نعرف نقاط ضعف الفيزياء...
لكن ايضا..
قد تكلمت كثيرا عن المالانهاية قبل اليوم لاهميتها الفيزيائية العملية و الفيزيائية المحضة و كذا اهميتها الرياضية و الفلسفية و الميتافيزيقية و سأعيد الكلام عن هذا الامر ان شاء الله على ضوء كثير من النتائج الرياضية الجديدة التى تحصل عليها العلماء حيث ان الصورة الارسطية -ان المالانهاية الفيزيائية غير موجوة و ان المالانهاية الرياضية على احسن الاحوال كامنة فى عالمها الافلاطونى- تتأكد يوما بعد يوم...
و من اراد ان يعلم فليقرأ بهدوء و بعمق و لا يُسبق رؤيته الميتافيزيقية على الحقيقية فالحقيقة احق بالاتباع...
واذا كانت المالانهاية موجودة فعلينا صياغة الميتافيزقية الوجودية حول هذا الامر و اذا كانت غير موجودة فعلينا صياغة نظرتنا للوجود حول عدم وجودها..
وليس العكس..اذن العلم قبل الميتافيزيقا و ليس العكس و هذا هو منهجى...
وقد خرج مؤخرا الفيزيائى النظرى ماكس تاغمارك Max tegMark -انظر مقاله الذى وضعته البارحة على الصفحة- بشراسة ضد مفهوم المالانهاية حيث عنون مقاله: (المالانهاية مفهوم جميل وهو يدمر فى الفيزياء Infinity Is a Beautiful Concept – And It's Ruining Physics) ..
و من المفارقات ان تاغمارك يقول هذا الكلام رغم انه صاحب نظرية ان عديد العوالم many-wolrds الكمومية هى نفسها عديد الاكوان multiverse الكوسمولوجية مع العلم ان عديد العوالم و عديد الاكوان بطبيعتهما لانهائيين...
هو اذن بعد ان عجز اصبح ضد المالانهاية..
الموقف الصحيح الذى ندافع عنه منذ سنوات -وهو احد ركائز علم الكلام الفيزيائى الجديد- هو موقف ارسطو القديم: المالانهاية الفيزيائية غير موجودة لان الكون و الزمن محدودين و ان المالانهاية الرياضية افلاطونية مثالية كامنة وهذا ما تؤكده الاكتشافات الرياضية الحديثة...

فلسفة الميكانيك الكلاسيكى



الميكانيك الكلاسيكى هو قوانين نيوتن Newton للحركة و لقوة الجاذبية التى وضعها فى اواخر ال 1600 فى كتابه التاريخى الطفرة البرنسيبيا Principia..
والميكانيك الكلاسيكى هو ايضا كل القوانين و الصياغات الميكانيكية التى تلت عمل نيوتن و نخص بالذكر عمل اولر Euler و صياغة لاغرانج Lagrange و كذلك صياغة هاميلتون Hamilton...
والميكانيك الكلاسيكى يضم ايضا بين جنباته كل القوانين الضوئية و الكهربائية و المغناطيسية التى لخصها ماكوسيل Maxwell فى معادلاته..
والميكانيك الكلاسيكى يضم ايضا بين جنباته كل الترموديناميك و الفيزياء الاحصائية التى ابتدأها وانهاها ثالث الفيزياء بولتزمان Boltzmann...
والميكانيك الكلاسيكى يضم رسميا ايضا بين جنباته النسبية بنوعيها الخاص-الذى لا يحتوى على ثقالة ويهتم فقط بالنبية السببية للفضاء-زمن- و العام-الذى يحتوى على تأثير الثقالة و اعادة فهمها على انها الانحناء فى هندسة الفضاء-زمن- لصاحبهما ثانى الفيزياء اينشتاين Einsetin...
اذن الميكانيك الكلاسيكى يحتوى على كل تلك الفيزياء العميقة و التى يتطلب تفصيلها سنوات من الدراسة و التدريس..
والميكانيك الكلاسيكى هو بالضبط كلاسيكى لانه ليس كمومى..
وهو كلاسيكى بمعنى انه عقلانى يخضع للمنطق الارسطى و كل انواع المنطق التى تلته و التى تحتوى المنطق الارسطى كجزء...
فى الصورة صورة غلاف احد اهم المراجع فى الميكانيك الكلاسيكى و هو غولدشتاين Glodsetin وليس افضل منه فى رأيى الى استاذ الكل الروسى لانداو Landau...
لكن اهم ما فى الميكانيك الكلاسيكى فلسفته و رؤيته للواقع و الوجود و الكون و الانسان التى تتلخص فى النقاط الستة التالية:
- اولا الميكانيك الكلاسيكى يصف عالم حتمى deterministic...بمعنى انه اذا اعطيت القوى التى تؤثر على الجملة و اعطيت الشروط الابتدائية للانطلاق فان تطور و تصرف الجملة فى الزمن يمكن حسابه و التنبؤ به بدقة فى كل الازمان المستقبلية اللاحقة..
-ثانيا الميكانيك الكلاسيكى يصف عالم موضعى local..بمعنى ان التأثير فى نقطة معينة بقوة ينتشر بسرعة محدودة الى النقاط الاخرى البعيدة فى الفضاء-زمن...
-ثالثا لا يلعب الرصد او القياس او المشاهدة measurement اى دور تماما فى الميكانيك الكلاسيكى..فالعالم او اى جملة فيزيائية هو/هى موجود(ة) بغض النظر عن رصدنا اياه(ا) من عدمه(ا)..
-رابعا لا يلعب عقل او وعى الراصد اى دور فى الميكانيك الكلاسيكى..
اذن بالاضافة الى كون فعل الرصد غير مهم فى وجود العالم او الجملة من عدمه(ا)..فان عقل الراصد او وعيه من عدمه(ا) ليس له اى تأثير بالمرة فى عملية الرصد..فالرصد الكلاسيكى يتم ب او بدون وجود الوعى..
ولهذا السبب فان العلم معتمدا على الفيزياء يعتقد جازما بالأحادية الجسمانية physicalism التى تنص فقط على وجود المادة و ان العقل غير موجود او انه يُختزل الى المادة...
اذن كما ترون ان السبب وراء الجسمانية ليس فعلا لان الفيزياء الكلاسيكية تقول ان العقليات يجب اختزالها للماديات لكن السبب الحقيقى ان الفيزياء الكلاسيكية لا تجتاج للعقليات اصلا فى صياغتها و وصفها..
-خامسا العالم و الانسان هى اشياء تُعرف knowable فى الميكانيك الكلاسيكى بمعنى انها موضوع للمعرفة و ان العقل يمكن ان يصل الى معرفتها و فهمها تماما..اذن ليس هناك مجال للغمائضية فى الميكانيك الكلاسيكى..
-سادسا العالم فى الميكانيك الكمومى مغلق سببيا causally closed..وهذا يتضح تماما من جهة انه لا يعترف بالعقل كجوهر مختلف عن جوهر المادة...فقط فى النظرات التى تحتوى على جوهرين منفصلين يمكن تهديد خاصية ضرورة انغلاق السببية فى الواقع...
عندما نذهب الى الميكانيك الكمومى عن طريق تعويض الاعداد المستعملة فى الميكانيك الكلاسيكى بمصفوفات و مؤثرات فان كل خاصية من الخاصيات الستة اعلاه تسقط و تصبح مختلفة جذريا..ولربما هذه افضل طريقة فى تقديم الميكانيك الكمومى...
هذه ترجمة لمقطع من مقدمة مقال لى حول فلسفة الفيزياء سيخرج قريبا ان شاء الله...

فرضية (كون الالكترون-الوحيد)



جون ويلر John Wheeler هو واحد من اعظم الفيزيائيين النظريين قاطبة فى القرن العشرين..
أشرف على رسائل اكثر من 46 طالب دكتوراة خلال مسيرته فى جامعة برنستون...
وهم طلاب من العيار الثقيل جدا جدا...
فقد اصبح اغلب هؤلاء الطلاب من مشاهير الفيزيائيين النظريين فى جيل ما بعد الحرب العالمية الثانية..
اذكر منهم بيكينشتاين Bekenstein صاحب القانون الاساسى للثقوب السوداء الذى يربط انتروبى entropy -اى كمية المعلومات- داخل الثقب الاسود بمساحة افق الحدث event horizon الذى يحيط بالثقب والذى يعرف اليوم باسم بعلاقة هاوكينغ-بيكينشتاين Hawking-Bekenstein relation..
و اذكر ايضا افريث Everett صاحب التفسير الاساسى المسمى تفسير عديد-العوالم many-worlds interpretation للميكانيك الكمومى..
و ايضا انراه Unruh صاحب تأثير انراه المصاحب للسقوط الحر فى الثقوب السوداء...
وايضا اذكر والد Wald صاحب الكتاب الاشهر فى النسبية العامة..
و كذا وايتمان Wightman صاحب الصياغة البديهية aximatic formulation لنظرية الحقول الكمومية...
و آخرون مشهورون مثل كلاودر Klauder و فورد Ford وميسنر Misner...
ومن بين تلاميذ ويلر نجد ايضا من حصل على نوبل فى الفيزياء واشهرهم على الاطلاق الفيزيائى النظرى الفنان الاشهر فايمان Feynman صاحب مخططات فايمان و نظرية الالكتروديناميك الكمومى quantum electrodynamics...
و نجد ايضا ثورن Thorn مكتشف الامواج الثقالية الذى تحصل على نوبل هذا العام فقط...
وكل هؤلاء العلماء لمن يعرف مؤلفاتهم يعرف انهم اذكياء جدا لكن استاذهم جون ويلر اذكى منهم بكثير و ربما لا يوجد الا فايمان من بين جميع تلاميذه من يضاهيه فى ذكائه و رؤيته و عمقه...
ومن المصطلحات التى جاء بها ويلر نجد مصطلح: (الثقب الاسود black holes)...فهو اول من استعمله...والثقب الاسود هو النقطة فى الفضاء-زمن التى تصبح فيها -لسبب او لآخر- قوة الجذب الثقالى لانهائية...
ونجد ايضا من مصطلحاته: (الثقب الدودى wormhole) وهو جسر يربط بين ثقبين اسودين فى الفضاء-زمن و نجد (الرغوة الكمومية quantum foam ) وهو يعبر عن البنية الكمومية للفضاء-زمن على المستويات البلانكية Planckian...
وانجازاته العلمية لا تعد و لا تحصى مثلا: مصفوفة التصادم فى فيزياء الجسيمات و نظريات الحقول الكمومية, نظرية الانشطار النووى, النسبية العامة, الثقالة الكمومية, المعلوماتية و الحاسوبية الكمومية, واسس الميكانيك الكمومى..
كما انه احد الفيزيائين النظريين الاساسيين الذين استدعتهم الحكومة الامريكية للمشاركة فى مشروع مانهاتن للذرة خلال الحرب العالمية الثانية و ايضا مشروع القنبلة الهيدروجينية خلال الخمسينات..
وهو مؤلف الكتاب الموسوعى المشهور فى النسبية العامة و الكوسمولوجيا و الثقوب السوداء مع تلميذيه ثورن-الذى حاز على نوبل هذا العام- و ميسنر...
ومن فرضياته (it from bit) التى تنص على أن اصل الواقع ليس "الجوهر substance" -وهو رأى الاغلبية الساحقة من الفلاسفة و النظريين منذ عهد ارسطو- و ليس هو "الطريقة process" و يُقصد به التغير و هو رأى جزء معتبر من الفلسفة قديما و حديثا..اذن الواقع ليس جوهر و ليس طريقة بل حسب ويلر هو بت bit ..والبت هو وحدة المعلومة كما ان الذرة هى وحدة المادة و الكم او الكوانطا هى وحدة القوة او الاشعاع..
اذن it from bit يمكن ترجمتها: الشيء من المعلومة...
ومن فرضياته الرائعة ايضا نذكر هنا فرضية (كون الالكترون-الوحيد one-electron universe)...
وهى فرضية قدمها عام 1940 قبل تطوير الالكتروديناميك الكمومى من قبل تلميذه فايمان من اجل شرح لماذا تظهر كل الالكترونات فى الكون بنفس الشحنة و بنفس الكتلة...
ويلر يقول فى مكالمة هاتفية لتلميذه فايمان ان كل الالكترونات فى الكون تظهر بنفس الشحنة و بنفس الكتلة لانها كلها فى الحقيقة الكترون واحد يتحرك الى الامام و الى الخلف فى الزمن...
اذن الخطوط الكونية لكل الالكترونات فى الكون تشكل فى الحقيقة خط كونى واحد معقد جدا جدا لاكترون وحيد...
اذن اذا اخذنا مقطع فى الفضاء-زمن مقابل للحظة زمنية معينة فان ذلك الخط الكونى للالكترون سوف يقطع اذن هذا المقطع فى اماكن عديدة..
وكل نقطة تقاطع -اذا كان الخط فيها موجه الى الامام فى الزمن- فانها ستظهر على انها الكترون..أما كل نقطة تقاطع -اذا كان الخط فيها موجه الى الخلف فى الزمن- فانها ستظهر على انها بوزيترون وهو الجسيم المضاد للالكترون...
يقول فايمان مازحا فى خطابه عند تحصله على جائزة نوبل عام 1965 انه لم يأخذ على محمل الجد فرضية كون الالكترون-الوحيد لاستاذه ويلر لكنه سرق فكرته فى أن الجسيم المضاد للالكترون- البوزيترون- يمكن فعلا فهمه على انه الكترون يمشى فى الاتجاه العكسى فى الزمن...
لمن درس عندى او عند غيرى نظرية الحقول فانه اكيد سيتذكر ان البوزيترون فعلا نمثله -مثلا فى مخططات فايمان- بخطوط تحمل نفس الاعداد الكمومية التى تحملها الخطوط الممثلة للاكترون لكنها تحمل اسهم معكوسة بالمقارنة مع الاكترون...
اذن عرفتم من اين جاءت هذه الفكرة الاساسية..
فهى بكل بساطة قد جاءت من فرضية كون الالكترون-الوحيد لصاحبها العبقرى ويلر الذى رغم عبقرتيه الفذة فانه لم يحصل ابدا على جائزة نوبل...
وهذا احد تلك المنشورات التى كنت انوى كتابتها منذ اكثر من سنة و نصف و لم اجد الوقت الا اليوم..فالحمد لله على توفيقه و منه...


التأريخ بالكربون المشع: بين التاريخ القديم و الفيزياء النووية



عملية حساب عمر المواد البيولوجية -مثلا الحفريات و العظام و البقايا الآدمية- فى الانتروبولوجيا و علم الاثار و نظرية التطور و حتى فى الشرطة العلمية يعتمد على اشياء كثيرة من اهمهما و اقدمها طريقة التأريخ بالكربون carbon dating....
علينا ان نفهم المبدأ الفيزيائى الذى تقوم عليه هذه الطريقة حتى نستوعب اكثر عندما يقال لنا مثلا ان الهيكل الفلانى عمره 10 الاف او 50 الف او 100 الف سنة و بعض البقايا قد تصل فى العمر الى 3 مليون سنة...
لكن فى هذه الحالة الاخيرة -ملايين السنوات- نحتاج الى طرق اخرى للتأريخ لان طريقة التأريخ بالكربون تعطى قيم يعول عليها و يعتمد عليها فيزيائيا و بالتالى تاريخيا الى غاية 50 الف سنة الى 100 الف سنة...
هذا لان طريقة التأريخ بالكربون تعتمد على ذرة نظير isotope الكربون المشع 14 التى يبلغ متوسط-حياتها mean-life حوالى 8267 سنة وهو الزمن اللازم حتى تتهافت نصف الكمية فى عينة معينة..
طريقة التأريخ بالكربون المشع تعتبر ثورة بأتم معنى الكلمة فى مجالات التطور و الانتروبولوجيا و الاثار و التاريخ القديم...وقد حاز الكيميائى ليبى Libby الذى طور هذه الطريقة على نوبل فى الكيمياء لعام 1960....
هذه الطريقة تعتمد على اول قانون فى الفيزياء النووية وهو قانون التهافت الاشعاعى radiocative decay المعطى بالمعادلة فى الصورة...
الثابت lambda الذى يظهر فى الاس يضرب الزمن t هو بالضبط مقلوب متوسط-الحياة و بالتالى فهو معروف...
نفترض الآن ان لحظة موت المادة البيولوجية هى صفر...ابتداءا من هذه اللحظة فان كمية الكربون المشع تبدأ فى النقصان..قبل هذه اللحظة فان الكربون المشع يتخلق فى الجو عبر تصادم الاشعة الكونية cosmic rays مع ذرات النيتروجين ..ثم يدخل الى النبات عبر التركيب الضوئي photosynthesis ..ثم يدخل الى الحيوان عبر أكل الحيوان للنبات ثم يدخل الى الانسان عبر اكل الانسان للنبات و الحيوان..
أما t فى المعادلة فهى اللحظة الحالية....
أما N فى المعادلة فهى عدد ذرات نظير الكربون 14 التى توجد فى العينة قيد الدراسة الآن...
أما N0 فى المعادلة فهى عدد ذرات نظير الكربون 14 عندما ماتت العينة البيولوجية..
اذن نحتاج ان نعرف N0 حتى تستطيع ان نحسب N...
نفترض عموما وهذا معقول جدا انه عندما ماتت المادة البيولوجية فان نسبة الكربون 12 -وهو النظير المستقر- الى الكربون 14 -وهو النظير المتهافت- فى المادة البيولوجية هى نفسها نسبة الكربون 12 الى الكربون 14 فى الجو...من هنا يمكننا ان نحسب N0 اى عدد ذرات نظير الكربون 14 فى المادة البيولوجية عندما ماتت...
بالتعويض ب N و N0 و lambda فى المعادلة اعلاه نحصل على الزمن t وهو الزمن الذى انقضى منذ موت المادة البيولوجية...

فرضية ريمان و الميكانيك الكمومى


فرضية ريمان و الميكانيك الكمومى الجزء 2
الاعداد الاولية هى الاعداد الطبيعية التى لا تقبل القسمة الا على نفسها و بالتالى فانه يعتقد انها تشكل اللب غير القابل للاختزال لمجموعة الاعداد الطبيعية..
مثال 1-2-3-5-7-11-13-17-19....هى اعداد اولية...وهى تذهب الى ما لا نهاية..لكن من البديهى ان الاعداد الاولية عندما تكبر فى قيمتها تصبح نادرة الوقوع...
أحد عباقرة الرياضيات المعدودين فى القرن التاسع عشر ريمان Riemann برهن على ان الاعداد الاولية نفسها تقبل الاختزال الى مجموعة اخرى من الاعداد تعرف اليوم باسم اصفار zeros دالة زيطا ريمان..
دالة زيطا ريمان Riemann zeta function (فى الصورة) هى دالة مركبة و بالتالى فان اصفارها -اى النقاط التى تنعدم فيها الدالة- هى اعداد مركبة..
ثم ان هناك نوعان من الاصفار..
هناك الاصفار الهينة trivial التى تحسب بعلاقة مغلقة معروفة وهى عبارة عن الاعداد الزوجية السالبة -2, -4, -6, -8,..
لكن الاهم هى الاصفار غير-الهينة non-trivial التى لا يعرف اى احد حسابها بشكل مغلق و كل حسابها عددي تقريبى و هذه الاخيرة هى التى تدخل فى حساب الاعداد الاولية..
قدم ريمان فرضية لحساب هذه الاصفار تنص على ان اصفار دالة زيطا ريمان غير الهينة هى اعداد مركبة تتميز كلها يقسم حقيقى يساوى النصف..
ولحد يومنا هذا لا احد تمكن من البرهان على هذه الفرضية رغم ان الكل متيقن انها صحيحة وهذه الفرضية هى احد المسائل ال 23 التى قدمها الرياضى العملاق الآخر هيلبرت Hilbert على انها اهم المسائل غير المحلولة فى الرياضيات البحتة فى القرن العشرين..
و هذه الفرضية هى ايضا احد المسائل الالفية العشرة لمعهد كلاى Clay Institute للرياضيات الذى سيقدم جائزة مقدارها مليون دولار لمن يحل هذه المسألة بالاضافة الى السبق التاريخى العلمى للذى سينجح فى هذه المهمة وهو سبق لا يقدر يثمن...
اذن فرضية ريمان التى نشرها ريمان عام 1859 تنص على النقاط الثلاثة التالية:
- اولا الاعداد الاولية الكبيرة جدا نادرة الوقوع فاحتمال ان نحصل على عدد اولى اكبر من n حيث n عدد طبيعى كبير هو متناسب مع مقلوب لوغاريتم n وهو احتمال صغير جدا..
بعبارة اخرى فان عدد الاعداد الاولية التى هى اقل او يساوى من عدد طبيعى n يساوى n مقسوم على log n...
هذا يسمى القيمة المتوقعة للاعداد الأولية n...وهذا هو محتوى ما يعرف بمبرهنة العدد الاولى prime number theorem...
-ثانيا الخطأ فى موقع الاعداد الاولية n يعطى بالضبط بالاصفار غير الهينة لدالة زيطا ريمان ..
اذن الاصفار غير الهينة لدالة زيطا ريمان تتحكم فى كيفية اهتزاز الاعداد الاولية حول قيمتها المتوقعة..
ايضا فان الفجوة بين الاعداد الاولية الكبيرة المتتالية نجده يساوى n*log n عوض الخطأ المتوقع log n...
-ثالثا اذن الاعداد الاولية تختزل لاصفار دالة زيطا ريمان -المعرفة فى كامل المستوى المركب ما عدا 1- وهذا يعطى علاقة عميقة بين نظرية الاعداد set theory و التحليل المركب complex analysis...
هذه الاصفار يؤكد ريمان انها كلها اعداد مركبة تتمتع بقسم حقيقى يساوى نصف اى انها كلها تقع على ما يسمى بالمستقيم الحرج critical line المعطى بالعلاقة
0.5+i*t
فى المستوى المركب حيث i هو العدد التخيلى البحت و t هو أى عدد حقيقى...


الجزء الكمومى:
هذه مسألة رياضية بحتة لكن الفيزياء النظرية دخلت على الخط ابتداءا من اربعينات القرن الماضى حيث لوحظ الشبه الرهيب بين الاصفار غير الهينة لدالة زيطا ريمان و بعض مسائل الميكانيك الكمومى...
بالخصوص فانه لوحظ ان الفجوات او الفسحات spacing بين الاصفار غير الهينة لدالة زيطا ريمان تخضع لنفس الانماط الاحصائية statistical patterns التى تخضع لها الفجوات والفسحات الطاقوية التى تفصل بين المستويات الذرية...
مثلا حدسية هيلبرت-بوليا Hilbert-Polya conjecture تنص على أن فرضية ريمان هى مكافئة لشرط ان العدد الحقيقى t فى المعادلة اعلاه هو القيمة الذاتية لمؤثر هرميتى hermitian operator ....
ايضا فى عام 1999 اقترح الفيزيائيان النظريان بيرى Berry و كيتينغ Keating حدسية جديدة تنص على انه توجد جملة كمومية -تتميز بموضع x و كمية حركة p مترافقان قانونيا كغيرها من الجمل الكمومية- بحيث ان طيفها اى مستوياتها الطاقوية E_n تقابل بالضبط الأصفار غير الهينة Z_n لدالة زيطا ريمان حسب العلاقة
Z_n=0.5+i*E_n
وحيث ان هاميلتونية هذه الجملة تعطى بالعلاقة
H=x*p+p*x
اذن وجود هذه الجملة الكمومية هو برهان على فرضية ريمان لأن الهاميلتونية هى بالتعريف مؤثر هرميتى و بالتالى فانه مضمون ان قيمها الذاتية E_n هى قيم حقيقية...
اقرأوا الجزء الاول فى الرابط...
    https://www.facebook.com/BadisYdri/posts/1087338141403196

الاجسام التى لن تتحرك ابدا اذا نظرت اليها بشكل مستمر


الاجسام التى لن تتحرك ابدا اذا نظرت اليها بشكل مستمر: علم الخيال الذى ليس بخيال مطلقا بل حقيقة!!
عندما نُبرد غاز قريبا من الصفر المطلق فان ذرات الغاز تنتظم فى شكل بلورى و لا تتحرك لان سرعاتها تنعدم..
لكن حسب مبدأ الارتياب لهايزنبرغ فان السرعة تتفاعل مع الموضع لانهما متغيران مرفقان..فاذا كانت السرعة تقريبا صفر فان الارتياب على الموضع يصبح لا نهائى وهذا بعنى ان الذرة يمكنها ان تتواجد فى اى مكان فى الشبكة البلورية بنفس القدر من الاحتمال..
اذن الذرات منتظمة فى بلور و فى نفس الوقت فانها موجودة فى كل مكان بنفس القدر من الاحتمال..
كيف يستقيم الامر بين هذا و ذلك?
الجواب هو تأثير النفق الكمومى quantum tunnelling: فالذرة موجودة فى اى موضع من البلور لكن يمكنها ايضا و بطريقة آنية ان تعبر الى اى نقطة اخرى ومن تلك النقطة تعبر آنيا الى نقطة اخرى و هكذا و ترجع بعدها الى النقطة الاولى آنيا وكل هذا عبر تاثير النفق الكمومى و هكذا الى مالانهاية..
اذن الذرة موجودة فعلا هنا لكنها ايضا موجودة فى كل مكان آخر ليس لانها تحركت الى هناك بسرعة (فالسرعة معدومة) لكن لانها انتقلت عبر تاثير النفق الكمومى..
الآن لو اخضعنا الغاز الى فعل رصد كمومى مستمر فان تأثير النفق الكمومى يتم كبحه و تصبح الذرات منتظمة فعلا فى شكل بلورى ثابت..هذا هو تأثير زينون الكمومى من الناحية التجريبية..ففعلا الذرات لن تتحرك (لا بسرعة و لا تنتقل عبر تاثير النفق الكمومى) اذا كانت خاضعة لفعل رصد كمومى مستمر..

العقل هو الدماغ المتشابك كموميا او ما يعرف بالوعى الكمومى..


البيروفوسفات pyrophosphate هو مركب موجود فى خلايا الدماغ مشكل من جزيئين من الفوسفات phosphate مرتبطين كيميائيا...
كل جزئ هو ذرة من الفوسفور phosphorus محاطة بعدد من جزيئات الاوكسجين ذات عزم اللف المعدوم.
ذرة الفوسفور هو العنضر البيولوجى الوحيد بالاضافة الى الهيدروجين الذى يتميز بعزم لف يساوى نصف وهو اقل عدد ممكن (ما عدا الصفر) وهذا مما يسمح بالحفاظ على ازمان تلاحم coherence times طويلة نسبيا بين الاجسام المتشابكة كموميا...
الفوسفور اذن يتميز هو الآخر يعزم لف يساوى النصف لان الاوكسجين ليس له عزم لف..
باستخدام نظرية العزم الحركى الكمومى theory of quantum angular momentum نجد اذن ان البيروفوسفات يمكن ان يتواجد فى 4 حالات كمومية:
-الحالة الثلاثية triplet state (وهى ثلاثة حالات منحلة degenerate) و تتميز بعزم لف يساوى واحد..
-الحالة المفردة singlet state و هى حالة واحدة تتميز يعزم لف يساوى صفر...
من ناحية التشابك الكمومى quantum etanglement فان الحالة المفردة هى التى تتميز بتشابك كمومى قصوى maximal..والتشابك الكمومى القصوى هو اكثر من محورى بالنسبة للحاسوبية الكمومية quantum computing فى الدماغ او الحاسوبية الكمومية عموما..من الجهة الاخرى فان الحالة المفردة هى التى تتميز بزمن تلاحم اطول -اى انها اكثر استقرارا من الحالة الثلاثية-...
بعد ذلك فان الانزيمات enzymes فى المخ ستكسر الربط الكيميائى chemical bond بين جزيئ الفوسفات المتشابكين الكمومين و تحولهما الى شاردتين او ايونين ions...
هذان الجزئيان رغم انكسار الربط الكيميائى بينهما و ابتعادهما عن بعضهما البعض فانهما يبقيان متشابكين كمومين..
وهذا الامر يحدث بشكل اسرع مع الحالة المفردة بالمقارنة مع الحالة الثلاثية..
بعد ذلك فان هذه الايونات (جمع ايون) او الشوارد (جمع شاردة) تتوحد مع ذرات الاوكسجين و الكالسيوم لتصبح ما يسمى جزئيات بوسنر Posner (وبوسنر هو الشخص الذى اكتشف هذه الجزيئات عام 1975 فى دراسته للعظام)...
هذه الجزيئات جزئيات بوسنر هى التى توفر الغطاء او الحماية للتشابك الكمومى بين شوارد الفوسفات اى انها تساعد على تطويل زمن التلاحم الكمومى بين هذه الشوارد وبالتالى يمكن استعمال هذه الشوراد لتخزين المعلومات الكمومية فى الدماع...
بعبارة اخرى فان جزئيات بوسنر (التى تحتوى بداخلها شوارد الفوسفات المتشابكة كموميا) يمكنها ان تلعب فى الدماغ بشكل طبيعى جدا دور البتس الكمومية quantum bits او الكيوبتس qubits المستقرة (لان زمن التلاحم اطول بالمقارنة مع الفوسفات لوحده قد يصل الى ساعات او ايام او اسابيع) ..
هذه الكيوبتس الطبيعية فى الدماغ (جزئيات بوسنر) هى اساس الحاسوبية الكمومية الدماغية و كما ترون فان اساس هذه الحاسوبية هو التشابكات الكمومية و المحافظة عليها عبر المحافظة على التلاحم الكمومى لمسافات و ازمان طويلة فى الدماغ...
اذن يعتقد ان التشابك الكمومى هو الذى يتحكم فى العمليات العصيونية فى الدماغ و انه بالتالى هو المؤدى الى اتبعاث العقل من هذه العمليات المادية..
هذه هى نظرية الفيزيائى النظرى ماتيو فيشر Matthew Fisher حول علاقة التأثيرات الكمومية بعمل الدماغ و بالضبط كيف لعزوم اللف النووية لذرات الفوسفور ان تلعب دور الكيوبتس فى الدماغ مما يجعل الدماغ يتصرف (على الاقل من هذه الناحية) كحاسوب كمومى quantum comuter وهى لربما خطوة مهمة لتفسير الاستعراف الانسانى humain cognition..
لكن هذه النظرية تبقى فرضية وهى جارى التحقق منها تجريبيا من قبل فيشر و آخرين فى الولايات المتحدة الامريكية...
فيشر بالمناسبة هو ابن الفيزيائى النظرى الاشهر و الشهير فيشر Fisher صديق ويلسون Wilson اصحاب معادلة اعادة التنظيم renormalization group equation فى الميكانيك الاحصائى و نظرية الحقول الكمومية.....
وهذا درس فى البيولوجيا الكمومية او علوم الاعصاب الكمومية وهو مجال جديد يبدو انه سيصبح خصب جدا خلال قادم الاعوام..
اذن من يحب البيولوجيا أو الطب أو علم النفس أو علوم العصبونات لكن وجد نفسه فى الفيزياء النظرية لاسباب قدرية فهذه احدى طرق الرجوع الى ما يحب..
ومن عنده ميول نظرية محضة جدا تقرب على الفلسفية مثلى مثلا فهذا ايضا احدى نقاط الدخول الجديدة الى فلسفة العقل و فلسفة الوعى من الجانب العلمى المحض الذى يتميز بحسم الطريقتين الرياضية و العلمية ...
المراجع:
-المرجع الاصلى مقال فيشر على الاركايف
https://arxiv.org/abs/1508.05929
-مقال مجلة كوانتا quanta magazine الرائعة التى تبقى مقالاتها النموذج الذى يجب ان يحتذى و الذى اريد ان اصل اليه فى الكتابة العلمية العامة...
https://www.quantamagazine.org/a-new-spin-on-the-quantum-b…/




الفضاء-زمن كشبكة معقدة من التشابك الكمومى

بعد درس المنطق و درس التاريخ نأتى الى درس الفيزياء النظرية لهذا الاسبوع..
السؤال الذى اود ان اطرحه ثم اجيب عليه هو: ماذا يحدث فعلا عند فعل الرصد او القياس الكمومى?
الجواب فعلا هو أن لا أحد فعلا يدرى لكن هناك تفسيرات..
اليوم سأركز على تفسير اكثر من رائع يشبه الفيلم السينمائى الخيالى او اللوحة السريالية لصاحبها الفيزيائى الامريكى النظرى الشهير الشيخ (شيخ اهل الفيزياء النظرية) ساسكيند Susskind الذى يعتمد على آخر خرجاته مع الفيزيائى الآخر الشاب و الاكثر شهرة مالداسينا Maldacena وهى الحدسية conjecture المعروفة باسم حدسية ال
ER=EPR...
فى هذه الحدسية فان التشابك الكمومى quantum entanglement يلعب الدور المحوري الاول و هذا هو الرمز EPR فى المعادلة اعلاه..
وايضا فان الثقوب الدودية wormhole التى تربط بين الثقوب السوداء او ما يعرف ايضا باسم جسر اينشتاين و روزن تلعب الدور المحورى الثانى و هذا هو الرمز ER فى المعادلة اعلاه...
اذن ساسكيند يتصور (وهو تصور فنى لكن مبنى فعلا على قرائن كثيرة) على ان التشابك الكمومى بين اى جملتين فيزيائتين هو يتم فعلا عبر جسر اينشتاين Einstein و روزن Rosen يربط بين الجملتين..لهذا فان الجمل الفيزيائية البعيدة جدا عن بعضها تتصرف و كأنها متفاعلة او بالاحرى مرتبطة correlated عبر التشابك الكمومى وبالتالى فانها تتتصرف و كأنها تقع فى نفس النقطة فى الفضاء بالضبط لان ثقب دودى يربط بين الجملتين..انظر الصورة الثانية...
هنا يفترض ساسكيند و مالداسينا ضمنيا ان الثقب الاسود هو ليس الا مجموعة هائلة من البتس (جمع بت bit) الكمومية او ما يعرف اختصارا باسم الكيوبتس qubits...
وتذكروا ان البت هو وحدة المعلومة unit of information كما ان الجسيم الاولى هو وحدة المادة و كما ان الكوانتا quanta هو وحدة الاشعاع و التفاعل و القوة..
اذن ساسكيند يتصور ان الجملتين الفيزيائيتين المتشابكتان كموميا يمكن ضغطهما حتى تنهارا تحت تأثير قوة ثقالة جسيماتهم وتتحولا الى ثقبين اسودين و لان الجملتين متشابكتان كموميا فان الثقبين الاسودين الناجمين عنهما متشابكان كموميا هما ايضا و هذا يعنى انهما مرتبطان مكانيا عبر جسر اينشتاين و روزن او ما يسمى بالثقب الدودى..انظر الصورة الثانية مرة اخرى...
الآن نأتى لفعل الرصد الكمومى (وهذا ما شدنى اكثر لهذا الموضوع) ونعتبر تجربة قط شرودينغر Schrodinger لكن مع ثلاثة راصدين و ليس راصد واحد (اما لماذا فستعرفون بعد قليل)..
الراصد الاول فى الغرفة الخارجية نسميه اينشتاين و نرمز له ب E....الراصد الثانى نسميه فيغنر Wigner و هو فى الغرفة الثانية و نرمز له ب W...والراصد الثالث هو صديق فيغنر و نرمز له ب WF...انظروا الصورة الاولى...اذن هذه التجربة هى تجربة صديق فيغنر فى الحقيقة و ليس تجربة قط شرودينغر المبسطة..انظروا مناشيرى السابقة حول هذا الموضوع بالانجليزية و العربية على المدونات...
نعتبر تفسيرات الميكانيك الكمومى الاساسية: تفسير كوبنهاغن Cophenhagen غير العكسى irreversible و تفسير عديد العوالم manyworlds العكسى reversible....
بالنسبة لتفسير كوينهاغن فان صديق فيغنر عندما يرصد حالة القط فان دالة الحالة تنهار collpases (هذا هو المصطلح التقنى) الى حالته حيا أو حالته ميتا..
اما بالنسبة لعديد العوالم فان نتيحة الرصد تعطى بما يراه الراصد فيغنر..اذن الرصد يتسبب فى خلق تشابك كمومى بين
- حالة القط الميت و حالة صديق فيغنر و هو يرى القط ميت من جهة
-و حالة القط حى و حالة صديق فيغنر و هو يرى القط حى من جهة اخرى..
اذن فى عديد العوالم فان الرصد الكمومى هو عملية تخلق للتشابك الكمومى بين الراصد و المرصود..اما فى الكوبنهاغن فان الرصد الكمومى هو عملية انهيار للدالة الموجية وضياع التشابك... و كما سيبين ساسكيند الآن فان هذين الوصفين متكاملين complementary غير متناقضين contradictory..
الآن يمكن ضغط المادة المشكلة للقط و المادة المشكلة لصديق فيغنر الى ثقوب سوداء و نحصل بذلك على ثقبين اسودين متشابكين كموميا بشكل قصوى كما شرحنا اعلاه...
التشابك الكمومى يعنى بعبارة اخرى (لم اذكرها اعلاه بهذه الصيغة) ان هناك امكانيك تواصل بين الجمل الفيزيائية المتشابكة عن طريق ارسال اشارة تذهب الى الثقب الدودى الذى يربط بين الثقبين الاسودين المقابلين للجملتين الفيزيائتين...
اذن القط هو ثقب اسود C و الراصد صديق فيغنر هو ثقب اسود WF وهما متربطان ببعضهما عبر جسر اينشتاين روزن...اذن يمكنهما التواصل فيما ببينهما عن طريق الذهاب الى داخل الثقب الدودى كل من جهته و ارسال اشارة...
الآن فى الكوبنهاغن عملية القياس تقابل انهيار دالة الموجة..هذا الامر يقابل من جهة ال ER=EPR عملية قص للثقب الدودى الرابط بين القط و صديق فيغنر و بالتالى امتناع ارسال اى رسالة بينهما (تذكروا ان الكوبنهاغن هو تفسير غير عكسي... و هذه الخاصية هى بالضبط ما يعبر عنه هنا بالقص و امتناع التواصل)...انظروا الصورة الثالثة...
لكن عديد العوالم تقول ان القياس هو عملية احادية فى الزمن و بالتالى لا ينكسر الثقب الدودى و التواصل بين القط و صديق فيغنر مازال ممكنا عبر القفز فى الجسر الدودى (وهذا تعبير عن عكسية عديد العوالم الراجعة الى عدم احتواءها على انهيار دالة الموجة)..
اذن نصل الى مفارقة بين الرؤيتين...فالكوبنهاغن تقول ان التواصل غير ممكن اما عديد العوالم فتقول ان التواصل بين القط و صديق فيغنر عبر الثقب الدودى الرابط بين ثقبيهما الاسودين ممكن...
الحل كما بينه ساسكيند سهل جدا..نذهب الى الراصد الاخير اينشتاين و نرى وجهة نظره..
بالنسبة للراصد الثالث فان الجمل الثلاثة: القط و صديق فيغنر و فيغنر كلهم متشابكون كموميا و عن طريق ضغطهم الى الثقوب السوداء المكافئة نحصل على على ثلاثة ثقوب سوداء متصلة ببعضها البعض عبر جسر ثلاثى و ليس ثنائى..
وكما أن الجسر الثنائى او الثقب الدودى كان يعبر عن حالة كمومية ثنائية متشابكة قصويا تسمى حالة بال Bell فان الجسر الثلاثى يعبر على حالة كمومية ثلاثية متشابكة قصويا تسمى حالة GHZ نسبة الى مكتشفيها Greenberger, Horne, Zeilinger...
هذا الجسر الثلاثى سماه ساسكيند بالبراين GHZ او GHZ brane وهذا ليس له اى علاقة بالبراينات الوترية.. بل هو جسم فيزيائى مثله مثل جسر اينشتاين و روزن تحدد خواصه الهندسية تماما بالخواص الفيزيائية للحالة GHZ الثلاثية كما ان الخواص الهندسية للثقب الدودى تحددها بالكامل الخواص الفيزيائية لحالة بال الثنائية...
وحل المفارقة او المعضلة اعلاه يكمن فى خواص الحالة GHZ هذه بالضبط المتشكلة من القط و صديق فيغنر و فيغنر اى من ثلاثة اطراف..فمن خواصها انه لا يوجد اى تشابك كمومى بين اى طرف لوحده و اى طرف آخر لوحده و هذا يعنى انه لا يمكن لاى طرف لوحده ان يتواصل مع اى طرف آخر لوحده (وهذا بالضبط ما قالته لنا الكوبنهاغن من دون عناء)..
لكن من خواص ال GHZ ايضا ان اى طرف من الاطراف الثلاثة هو متشابك كموميا مع اتحاد الطرفين الآخرين (وهذا هو السبب الذى من اجله نسمى هذا التشابك الكمومى الثلاثى قصوى maximal)...اذن يمكن ان يتعاون اى طرفين لارسال رسالة عبر البراين GHZ او الثقب الدودى الثلاثى للطرف الأخير..وهكذا كيف يمكن التواصل و هذا هو ما قالته لنا عديد العوالم من البدء...انظروا الصورة الثالثة مرة اخرى...
اذن لا تناقض مطلقا بين الرؤيتين لكن يبدو ان عديد العوالم تحتوى على قدر اكبر من المعلومات لانها لم تضيع التشابك الكمومى عن طريق انهيار دالة الموجة..
وهذه الصورة باستخدام التشابك الكمومى و الثقوب السوداء و ال ER=EPR هى من اعظم الصور الفيزيائية لتفسير معضلة التفسير التى وجدتها....
لكنها ايضا تعطى لنا صورة جديدة لهندسة الفضاء-زمن الكمومية على انها شبكة معقدة جدا من التشابكات الكمومية...
التفصيل اكثر فى المقال بالانجليزية مع المراجع على المدونة
http://algerianphysicist.blogspot.com/…/wingers-friend-expe…
مع تحياتى و الى الاسبوع القادم ان شاء الله..من اراد المزيد فليتابعنا على الصفحة الفايسبوكية
https://www.facebook.com/BadisYdri/
او على المدونة الكبرى
http://badisydri.blogspot.com
 
 



مادة الميكانيك التحليلى و مادة الترموديناميك لعام 2016-2017 قسم ثانية فيزياء جامعة عنابة

يوم السبت 7 اكتوبر 2017

محاضرات الميكانيك و الترموديناميك و الكمومى للسنة الثانية فيزياء مع تمرينات محلولة

الملف اعلاه لكن النسخة الاولى الموجودة على الاركايف

محاضرات الميكانيك بالفرنسية

محاضرات الترموديناميك بالفرنسية

الموقع المهنى

نظرية الحقول الكمومية الحديثة


المادة المضيئة فى الكون تتشكل من جسيمات فرميونية fermions (اللبتونات leptons و الكواركات quarks) ذات سبين او عزم لف spin angular momentum يساوى نصف تتفاعل فيما بينها عبر جسيمات اولية اخرى (جسيمات شعاعية معيارية gauge vector particles) بوزونية bosonic ذات سبين يساوى واحد... هذه الاخيرة هى التى تتوسط التفاعلات الكونية الثلاثة الاساسية: القوة الكهرومغناطيسية, قوة الربط النووى القوية strong nuclear force و تفاعل الاشعاعية الضعيفة weak interaction..
اما القوة الرابعة قوة الجذب الثقالى فان الذى يتوسطها فهو جسيم تنسورى tesnor و ليس شعاعى بمعنى ان عزم لفه يساوى 2...
هذه الجسيمات كلها ذات كتلة معدومة و هذه القوى كلها تخضع لمبدأ تناظر symmetry principle اساسى يسمى مبدأ التناظر المعيارى gauge symmetry principle الذى لا يمكنه ان ينكسر ابدا فى الطبيعة الا تلقائيا spontaneous (حالة القوة الكهروضعيفة electroweak التى تنكسر تلقائيا الى القوة الكهرومغناطيسية و قوة الاشعاعية الضعيفة)...هذا الانكسار يتم عبر جسيم اولى آخر يسمى جسيم الهيغز Higgs الذى يتميز بسبين او عزم لف معدوم و هو الجسيم السلمى scalar الاولى الوحيد فى الكون...
هذه العملية عملية الانكسار التلقائى للتناظر spontaneous symmetry breaking هى التى تتسبب فى اعطاء كل الجسيمات الاولية كتلتها المرصودة تجريبيا و هى ايضا التى تعطى كل القوى فى الطبيعة ثابت اقترانها coupling الذى نراه...
نظرية الحقول الكمومية الحديثة modern quantum field theory (مصطلحى) هى نظرية الميكانيك الكمومى النسبى التى تتحكم فى كل هذه الجسيمات الاولية و تفاعلاتها والتى يمكن تلخيصها فى ثلاثة نظريات جزئية لكن ضخمة اساسية كالاتى:
اولا النموذج القياسى للجسيمات الاولية standard model of elementary particles..
وهو النموذج الرياضى الذى يتم فيه توحيد ثلاثة قوى من بين اربعة و هى القوة الكهرومغناطيسة و القوة الاشعاعية الضعيفة و قوة الربط النووية القوية..وهو يرجع تاريخيا الى عمل كل من واينبارغ Weinberg و عبد السلام Abdus Salam و غلاشو Glashow من بين فيزيائيين آخرين كثيرين..النموذج القياسى هو انجح (تجريبيا) نظرية حقل كمومى الى غاية اليوم و لربما انجح نظرية حقل كمومى ابدا (خصوصا نظرية الكهرومغناطيسية الكمومية quantum electrodynamics التى هى محتواة داخله)..وهو يصف عدد هائل من المشاهدات التجريبية و الفينيمينولوجية phenomenological و يفسرها بدلالة عدد منتهى (لكن كبير نسبيا =19) من الوسائط parameters مثل ثوابت الاقتران المعيارية gauge coupling constants و القيمة المنتظرة فى الفراغ vacuum expectation value لجسيم الهيغز و زوايا CKM الخاصة بالتفاعلات الضعيفة و الزاوية theta الخاصة بالغصب violation فى تناظرات ال CP...
لكن النموذج القياسى هو نموذج اضطرابى perturbative بالاساس و يحتوى بطريقة اساسية على ظاهرة الانهيار التلقائى للتناظر و هو مبنى بالكامل رياضيا على الميتانظرية meta-theory الخاصة بمعادلة اعادة التنظيم renormalization group equation..
هذا النموذج يحتوى على جزئين اساسيين: الجزء الاول هو النظرية الكهروضعيفة التى توحد الكهرومغتاطيسية الكمومية مع ديناميك النكهات الكمومى quantum flavor dynamics الذى يصف القوة الاشعاعية...اما الجزء الثانى فهو الديناميك اللونى الكمومى quantum chromodynamics الذى يصف القوة النووية و هى النظرية الوحيدة فى النموذج المعيارى التى تقبل تعريف غير اضطرابى و صياغة على الشبكة lattice.... الديناميك اللونى على الشبكة lattice QCD هو بدون شك اكثر تخصصات الفيزياء العددية computational physics تطورا و اناقة...
ثانيا النظريات المعيارية للتناظرات الممتازة فى اربعة ابعاد supersymmetric gauge theories in 4 dimensions..
هذه النظريات تسمح لنا بصياغة مبدأ التناظر المحورى بطريقة غير اضطرابية (بمعنى لا نحتاج فيها الى وسيط صغير ننتشر حوله المعادلات)...
هذه الصياغة غير الاضطرابية يمكن حلها بشكل مضيوط exact (مثلما نحل الهزاز التوافقى مثلا) فى كثير من الاحايين باستخدام التناظرات الممتازة supersymmetry و الهولومورفى holomorphy و اشياء اخرى كثيرة (نظرية سايبرغ و ويتن و نيكراسوف Seiberg-Witten-Nekrasov theory)...هذه النظريات غير الاضطرابية و هذه الحلول الممتازة يُعتقد انها ستلعب دورا استراتيجيا فى محاولة فهمنا للتفاعلات القوية جدا وبخاصة الديناميك اللونى لان القوة النووية هى قوة غير اضطرابية بالاساس لا تنفع معها نظريات الحقول العادية التى كما ذكرنا آنفا اغلبها اضطرابى..لكن هذه النظريات وهذه الحلول توفر لنا ايضا فهم عميق جدا لظواهر الانكسار التلقائى للتناظر و ظواهر اعادة التنظيم المرفقة بذلك..
ثالثا الثنائية AdS/CFT..
كل الذى ذكرنا اعلاه لا نستطيع ان نصف به الا الجسيمات الشعاعية التى تتوسط القوى الكهرومغناطيسية و النووية و الاشعاعية..اما القوة الثقالية فان الذى يتوسط لها فهو جسيم تنسورى و ليس شعاعى يسمى الغرافيتون graviton...
ال AdS/CFT هى النظرية التى تسمح لنا بوصف قوة الجذب الثقالى و الثقوب السوداء باستخدام نظريات الحقل الكمومى الاحادية..ورغم ان هذه النظرية انبثقت تاريخيا من نظرية الوتر string theory الا انها فى حقيقتها نظرية حقل كمومى لا اقل و لا اكثر..وهى تعتمد بشكل جوهرى على نظريات الحقل الكونفورمال conformal field theory و على التناظرات الممتازة و على اعادة التنظيم...
هذه الثنائية تنص بكل بساطة على ان نظرية الثقالة الممتازة supergravity (نظرية الوتر بصفة عامة) فى الفضاء دى سيتر العكسى Anti de Sitter و ابعاده خمسة هى معطاة بالضبط بنظرية حقل معيارى ممتاز كونفورمال superconformal gauge theory على محيط boundary هذا الفضاء الذى هو فضاء-زمن رباعى عادى خاصة النسبية الخاصة (مثال محدد جدا على مبدأ الهولوغرافى holography فى الفيزياء)....هذه الثنائية تعمم الى الثنائية الثقالية/المعيارية gauge/gravity duality التى هى فى رأيى اعظم الثنائيات الفيزيائية على الاطلاق...
مع تحياتى