عندما نقوم برسم دائرة وسط مربع فان الأسطح الأربعة الشبيهة-بالمثلث و المرتبطة-تقريبا المحصورة بين الدائرة و المربع تسمى بالانجليزية سباندرال spandrel و بالفرنسية كوانسون coinçon.
مثلا الاقواس فى الهندسة المعمارية الاسلامية -العباسية و الفاطمية بالخصوص- تحتوى كلها على عنصر السباندرال الذى هو ليس هدف التصميم الاول لكنه امر لا يمكن ايضا تفاديه و يستخدم اذن عادة فى التزيين و المنمنمات.
فى السبعينات تبنى البيولوجى-التطورى ستيفان غاى غولد Stephen Jay Gould هذا المصطلح التقنى من الهندسة المعمارية و ادخله الى البيولوجيا التطورية evolutionary biology وهى تعنى فى هذا المجال تلك الميزات traits التى لم يتم تطويرها عبر الانتقاء الطبيعى natural selection لكنها كانت نتيجة غير مقصودة لعملية التطور.
اذن السباندرال فى البيولوجيا التطورية هى ليست ميزة ناجمة بشكل مباشر عن الانتقاء الطبيعى و التكيف adaptation بل هى خاصية للكائن البيولوجى غير مقصودة فى حد ذاتها من عملية التطور لان الكائن ليس بحاجة اليها من اجل البقاء survival لكنها خاصية ناجمة عن ميزة اخرى للكائن البيولوجى تم تطويرها عبر الانتقاء الطبيعى و التكيف.
اذن ليس كل شيء يتميز به الكائن البيولوجى نجم عن ضرورة التكيف من اجل البقاء -وهذه هى الميزات traits- بل هناك كثير من الامور هى ليست الا نتائج فرعية غير مقصودة للتطور تسمى السباندرال.
واهم مثال يعطى هو شكل ذقن الانسان. فهذا حسب الكثيرين خاصية ليس لها اى وظيفة و هى اذن ليست الا سباندرال.
و مثال آخر مذهل يعطيه نعوم تشومسكى Noam Chomsky هو اللغة. حيث ان خاصية التقطع اللانهائى discrete infinity التى تقع فى اساس قدرة الانسان على تعلم اللغة و بخاصة ما يسمى القواعد الكونية universal grammar هى ليست الا سباندرال.
هذه فكرة وجدتها مذهلة. و الذى اذهلنى اكثر ان البعض يقول ان الوعى نفسه -و اللغة جزء صغير من الوعى- هى ليست الا سباندرال ليست مقصودة فى حد ذاتها من عملية التطور وهى ليست ضرورية من اجل البقاء وانها نجمت كنتيجة غير مقصودة عن تكييف الانسان لميزات اخرى.
ملحوظة: اذكر مرة اخرى برأيى فى نظرية التطور على انها نظرية فعالة و ليست نظرية اساسية و انها اكثر من هذا لا تصلح فى التفسير الا بعيدا عن حدود المفردات التخلقية - بزوغ الكون و بزوغ الحياة و بزوغ الوعى و بزوغ العقل و بزوغ النبوة و بزوغ الانسان الكامل-.
No comments:
Post a Comment