LATEX

الماضى الكمومى

 

الانسان وعى وعقل و ارادة.
والانسان ماضى و حاضر و مستقبل.
لكن الانسان مادة ايضا وهذه الاخيرة تخضع للميكانيك الكمومى. اذن الانسان كمومى شاء او أبى.
الميكانيك الكموم يأتى باللاحتمية فى التنبؤ بالمستقبل اذن المستقبل كمومى لانه يخضع لاحتمالات دالة الموجة و لان المستقبل احتمالى لاحتمى غير-يقينى فلهذا يعتقد الانسان انه حر و هو بالفعل حر و الا وقعنا فى الورطة الوجودية.
وتذكروا فان المعضلة الوجودية هى (معضلة تبرير الشر و ليس معضل وجود الشر. فالشر موجود يحتاج الى تبرير وجوده و لا يحتاج الى نفى وجوده عكس ما تفعله كل الفلسفة. اذن هنا اننى وحدى لكننى وحدى فى اشياء كثيرة اخرى وقد تعودت على الوحدة).
اذن المستقبل كمومى احتمالى لاحتمى و من هنا تنبع حرية الانسان.
وهذه اللاحتمية راجعة الى مبدأ هايزنبرغ للارتياب الذى لا يسمح لنا يقياس المتغيرات الفيزيائية المترافقة بدقة كيفية فتمام الدقة فى احدها (مثلا موضع الجسيم) يعنى الضياع التام للدقة فى قياس الآخر (مثلا زخم الجسيم).
اذن هذه اللاحتمية هى فرصة حرية الانسان وهذه اللاحتمية تقع فى المستقبل ولهذا يرى وعى الانسان انه حر بازاء اختياراته فى المستقبل فكل شيء يقع فى المستقبل فهو لاحتمى حتى الموت فهو لا حتمى غير-يقينى احتمالى.
فكل شخص حى مادام حيا يوجد لديه طريق فى فضاء الحالات لن يموت فيه ابدأ وهذا الطريق له احتمال غير معدوم و لو صغير جدا لكن الموت عندما يحل فانه سيقطع هذا الطريق كما انه سيقطع وعى ذلك الانسان. اذن الموت يقطع الوعى كما يقطع الكمومية و اللاحتمية و التراكب الخطى الذى كان متوافر للانسان قبل ان يموت.
اذن كون الموت يقينيا (حتى يأتيك اليقين كما ذكر القرآن) ليس لان الموت لا مناص منه (بل هناك مناص منه و لو باحتمال صغير جدا) بل هو يقينى لانه كلاسيكى غير-احتمالى لاحتمى مثله مثل الوعى.
اذن هناك ثلاثة اشياء كلاسيكية غير-احتمالية حتمية فهناك الوعى (وهذا قد كتبت عنه سابقا) وهناك الموت فهو حادث كلاسيكى مثله مثل عملية الرصد الكمومى الذى يخرج الجملة الفيزيائية اللاحتمية الاحتمالية من التراكب الكمومى الى اليقين الكلاسيكى فكذلك الموت يخرج المستقبل الكمومى اللاحتمى الاحتمالى من التراكب الكمومى الى (اليقين).
اما الشيء الثالث فهو (الماضى) فالماضى ايضا كلاسيكى حتمى غير-احتمالى حسب ما يفهمه الميكانيك الكمومى.
فالمستقبل هو تطور دالة الموجة فى الزمن (وهذه هى اللاحتمية) اما الحاضر (وهو نهاية الماضى) فهو الحالة الابتدائية لدالة الموجة (وهذه الحتمية) التى هى معروفة تماما لان الوعى متيقن تماما من الماضى على انه ثابت كما انه اى الوعى متبقن تماما من المستقبل على انه متغير.
اذن مرة اخرى هى مشكلة الوعى فهو الذى يعتقد جازما ان الماضى يقينى حتمى ثابت غير-احتمالى لانه يثق فى الذاكرة كما يعتقد جازما ان المستقبل غير-يقينى لاحتمى احتمالى لانه يثق فى حريته.
لكن الفيزياء متناظرة تحت تأثير العكس فى الزمن. اى انه لا فرق بين الماضى و المستقبل بالنسبة للمعادلات الفيزيائية.
اذن يمكن ان ننطلق من الحاضر من اجل حساب الماضى باستعمال معادلة شرودينغر و نجد ان الماضى كمومى احتمالى لاحتمى بنفس الطريقة التى وجدنا بها المستقبل كمومى احتمال لاحتمى.
لكن علينا ان نضحى بيقين الوعى فى الماضى اى انه لا يجب التعويل على الذاكرة مثلما ان الكثير لا يعول على الارادة بازاء المستقبل.
الحل الوسط هو ان نقبل فعلا الحل الكمومى اى الماضى كمومى كما ان المستقبل كمومى و ان حرية الانسان (فى المستقبل) هى حرية كمومية تنبع من لاحتمية و احتمالية الكمومى لكن نقبل ايضا ان ذاكرة الانسان (فى الماضى) هى الاحرى ذاكرة كمومية (وهذا مصطلحى) يرجع لايقينها الى لاحتمية و احتمالية الكمومى.
اذن كما ان المستقبل كمومى فكذلك الماضى كمومى. ووجدت هازينبرغ يتكلم عن الماضى الكمومى و يرفضه ووجدت اينتشاين يتكلم عن الماضى الكمومى و يقبله (لكن ليس بنفس الطريقة اعلاه).
ووجدت ديزون (وهو من اباء الكمومى) ينص على ان الماضى كلاسيكى و المستقبل كمومى اذن هو يرفض فكرة الماضى الكمومى لكنه من الجهة الاخرى ينص على ان الحاضر و فصله بين الماضى الكلاسيكى و المستقبل الكمومى هو منبع الرصد الكمومى.
اذن بالنسبة الى ما اقترحه هنا بناءا على تناظر العكس فى الزمن فان الماضى كمومى (الذاكرة لاحتمية اى الماضى لاحتمى) و كذا المستقبل كمومى (الحرية لاحتمية اى المستقبل لاحتمى).
اذن نقبل حكم الوعى الفطرى بخصوص المستقبل فى انه حر نوعا ما لكن نرفض حكم الوعى الفطرى بخصوص الماضى فى انه ثابت.
اذن هذه النظرة التى اقدمها هنا مختلفة عن النظرات الفلسفية الثلاثة الطاغية بخصوص الماضى و المستقبل و الحاضر.
نظرة (الحاضرية presentism) فان الحاضر فقط حقيقة اما الماضى و المستقبل فهما غير حقيقيان.
نظرة (الابدية eternalism) فى ان كل من الماضى و المستقبل و الحاضر حقيقيون.
نظرة (نظرية الماضى-النامى growing-past theory) التى تنص على ان الماضى و الحاضر حقيقيان لكن المستقبل غير-حقيقى.
وكما يبدو فان فكرة (الماضى الكمومى) التى اقترحها هنا هى اقرب الى (الابدية).

No comments:

Post a Comment