LATEX

البوزونات الناقلة للقوة

 

الفوتون photon و يرمز له ب γ هو ناقل القوة الكهرومغناطيسية.
وكون الفوتون معدوم الكتلة يعنى ان القوة الكهرومغناطيسية تتميز بمدى range لانهائى.
اى ان المجال الكهرومغناطيسى الذى تنتجه شحنة كهربائية يمكن ان يصل تأثيره الى مالانهاية.
اما الغرافيتون graviton و يرمز له ب G فهو ناقل القوة الثقالية.
وكون الغرافيتون معدوم الكتلة يعنى ان القوة الثقالية تتميز هى الاخرى بمدى لانهائى.
اى ان ان المجال الثقالى الذى تنتجه شحنة ثقالية (اى الكتلة الثقالية) يمكن ان يصل تأثيره الى مالانهاية.
و اننى عربت ال gravity بالثقالة و ليس بالجاذبية لان اساس هذه القوة هو الثقالة اى تأثير الكتلة الثقالية و ليس التجاذب لان جميع القوى فيها تجاذب و تنافر و حتى قوة الثقالة يمكنها ان تتنافر و لا تتجاذب و اشهر مثال على الاطلاق الطاقة المظلمة dark energy التى تعرف باسم الثقالة-المضادة anti-gravity لانها تؤدى الى التنافر و ليس التجاذب.
اما البوزونات الشعاعية vector bosons التى يُرمز لها ب +W و -W و Z التى اكتشفت فى الثمانينات بعد ان تنبأ بها فى الستنيات المسلم القاديانى الباكستانى عبد السلام Salam و اليهوديان الصهيونيان الامريكيان واينبرغ Weinberg و غلاشو Glashow (وهما كانا زميلان فى الثانوية) اذن هذه البوزونات الشعاعية هى ناقلة القوة النووية الضعيفة.
و لان القوة النووية الضعيفة ذات مدى قصير جدا (من رتبة نصف قطر النواة nucleus) فان البوزونات الشعاعية يجب ان تكون ذات كتلة وهى فعلا كذلك و سبب تحصلها على الكتلة هو الانكسار التلقائى spontaneous breaking للتناظر الكهروضعيف electroweak symmetry فى الدقائق الثلاثة الاولى من عمر الكون (و "الدقائق الثلاثة الاولى"" هو عنوان كتاب لواينبارغ يشرح فيه هذا الموضوع بشكل عام).
اذن المجال النووى الضعيف الذى تُنتجه الشحنة الضعيفة weak charge (وليس لها اسم مخصوص) لا يمكن ان يتعدى تأثيره نصف قطر النواة بسبب كتلة الناقلات للقوة غير المعدومة.
اما الغليونات (مفرد غليون gluon وهى ثمانية غليونات) و يرمز لها ب g فهى ناقلة القوة النووية القوية.
لكن القوة النووية القوية هى ذات مدى قصير جدا لكن من الجهة الاخرى فان الغليونات ذات كتلة معدومة بالضبط لانه ليس هناك انكسار تلقائى للتناظر المعيارى gauge symmetry فى هذه الحالة.
التفسير هنا ان المجال النووى القوى الذى تنتجه الشحنة القوية (وتسمى لون color) لا يمكن ان يتعدى مداه حدود النواة ليس لان الناقلات ذات كتلة بسبب انكسار التناظر التلقائى لكن بسبب ظاهرة اخرى تسمى الحبس اللونى color confinement وهى ظاهرة مازالت غير مفهومة الى حد كبير لحد اليوم.
والحبس اللونى كما يدل الاسم يعنى ان الشحنات اللونية محبوسة داخل البروتون و النوترون و غيرهما و لا نرى ابدا كواركات (مفرد كوارك quark) حرة فى التفاعلات النووية القوية مثلما نرى الكترونات حرة فى التفاعلات الكهرومغناطيسية.
واذا كانت فكرة (الانكسار التلقائى) ادت الى جائزة نوبل (لعبد السلام و واينبرغ و غلاشو) فان فكرة (الحبس اللونى) ستؤدى الى نوبل و اكثر يقينا لمن يستطيع ان يقدم تفسيرا نهائيا لها.
وقد حاول فيها توفهت t'Hooft وهو متحصل على نوبل و حاول فيها بولياكوف Polyakov مع محاولته ايضا فى نموذج ايزينغ وهو ما ادى به الى اكتشاف تكامل طريق الوتر string path integral.
وهى ظاهرة ذات علاقة وطيدة ب (الناقلية-الممتازة super-conductivity) لكن ليس على مستوى المادة المكثفة بل على مستوى المادة النووية الاكثر اساسية.
كل الناقلات للقوة (باسثناء الغرافيتون) هى فى الحقيقة بوزونات شعاعية (ليست فقط تلك المرفقة بالقوة النووية الضعيفة) وهذا يعنى بكل بساطة انها جسيمات ذات سبين spin او عزم-لف-ذاتى يساوى واحد وهى كلها مرفقة بمجالات معيارية gauge fields تحترم تناظرات معيارية مضبوطة مختزلة فى زمرة تناظر معيارى gauge symmetry group.
اذن عندما قلنا مثلا ان التناظر الضعيف مكسور تلقائيا فهذا لا يعنى انه ليس لدينا تناظر بل كل الذى نعنيه ان حالة الجملة الاساسية لا تتميز بالتناظر رغم ان اللاغرانجية Lagrangian او الهاميلتونية Hamiltonian او الفعل action او تكامل الطريق path integral او دوال الربط correlation functions فهى كلها متناظرة.
وهذا التناظر المعيارى شرط ضرورى و كافى من اجل تحقيق خاصيتى الاحادية unitarity و اعادة-التنظيم renormalizability و غيرها و هى بكل بساطة شروط تعنى قدرة النظرية على التنبأ.
تبقى قوة الثقالة هى القوة الاكثر مجهولية لانها القوة الوحيدة التى لا نعرف نظريتها الكمومية.
وقد تكون فى الاخير قوة الثقالة قوة كلاسيكية بالكامل (وهذه فكرة نجدها عند بوهر فى تفسيره للميكانيك الكمومى و اصراره على ما يسمى المفاهيم الكلاسيكية) واذا كان الامر فعلا كذلك فهذا يعنى رجوع الميكانيك الكلاسيكى كنظرية اساسية للطبيعة على قدم المساواة مع الميكانيك الكمومى و ليس تقريبا له.
بل يجب النظر فى هذه الحالة للميكانيك الكمومى على انه تقريب للميكانيك الكلاسيكى مثلما انه يجب النظر الى الميكانيك الكلاسيكى على انه تقريب للميكانيك الكمومى.
وهذا امر (كلاسيكية قوة الثقالة) يُصر عليه الفيزيائى المعمر فريمان ديزون Freeman Dyson الذى توفى العام الماضى عن عمر يناهز المائة تقريبا بعد اقل من شهر من كتابتى منشور عنه و عن رايه هذا هنا على الفايسبوك.
وفريمان ديزون هو ايضا اول من ناقش علم الكلام الفيزيائى فى بداية السبعينات حيث اهتم كثيرا بالمبدأ الانطروبيى و مصير الحياة فى الكون و النقطة اوميغا و غيرها من مواضيع الكلام الفيزيائى.

No comments:

Post a Comment