البعض قد لا يرى اين اخطأ بالضبط كارل بوبر -الفذ الاول فى فلسفة العلم- فى دعمه للتفسير الواقعى امام تفسير كبونهاغن لبوهر و هايزنبرغ لكن كارل بوبر نفسه يرجع و يعترف قائلا عن تجربته التى اقترحها على اينشتاين فنصحه اينشتاين بصرف النظر يقول بوبر فى كتابه (النظرية الكمومية و السكيزم فى الفيزياء) وهو من اول الكتب فى فلسفة الفيزياء يقول بوبر على الصفحة 27 ما ترجمته:
خطأ فظيع اعتذرت عنه بشدة و اننى اشعر بالخجل منه منذ ذلك اليوم.
A gross mistake for which I have been deeply sorry and ashamed of ever since.
اما ماهى بالضبط تجربة بوبر فهى كغيرها تجربة تداخل لشقين الهدف منها تمييز تفسير كوبنهاغن عن التفسير الواقعى لامثال بوبر و اينتشاين و شرودينغر و بوهم و حتى العظيم الكمومى الاول جون بال فهو واقعى ايضا لا احد من هؤلاء الافذاذ يقول بالكوبنهاغن.
والهدف من هذه التجربة ايضا تبيان خرق مبدأ الارتيبا لهايزنبرغ.
شرح هذه التجربة بالتفصيل اتركه لفرصة اخرى ان شاء الله فى مادة فلسفة الفيزياء على اليوتوب.
هذه التجربة تم اجراؤها صراحة عام 1999 من كيم Kim و شيه Shih فى الرابط.
يقول المؤلفان (باختصار و بتصرف منى):
ان كل من بوبر و كذا ال EPR (وهى تجربة اينشتاين الاشهر) هما صحيحان تماما فى توقعاتهما.
لكن بوبر و ال EPR ارتكبا نفس الخطأ فى اعتبار الجملة المتشكلة من جسيمين متشابكين كموميا جملة بجسيمين لأنه بسبب التشابك هذه الجملة هى حقيقة جملة بجسيم واحد.
نتائجنا التجريبية لا تخرق ابدا مبدأ الارتياب لهايزنبرغ .
انتهى.
تجربة بوبر و تجربة ال EPR تبقى تجربة مؤسسة لفلسفة الفيزياء.
وهنا اغتنم الفرصة للاجابة على سؤال (ماهو الفرق بين فلسفة الفيزياء و فلسفة الكلام او الفلسفة بشكل عام?)
-اولا بكل بساطة ان فلسفة الفيزياء رغم انها فلسفة فانها تحكمها التجربة و الرياضيات.
-ثانيا النقاش فى فلسفة الفيزياء هو كله محصور بين العلماء و الفلاسفة لا دخل فيه للاتباع.
-ثالثا الاتباع رغم انهم اتباع الا انهم يحترمون المدارس الاخرى و لا يتكلمون فيها و لا يتحدون ابدا العلماء و يحترمون نصوصهم التى هى هنا التجربة و الرياضيات و لا يتعدون عليها بفهمهم.
-رابعا فى فلسفة الفيزياء لانها متأثرة جدا بالفيزياء اى العلم فان العلماء اذا اخطأوا يرجعون و المثال الذى اعطيته اعلاه هو مثال فقط فهناك امثلة اخرى و قد جئت لكم مثلا من قبل بأمثلة هاوكينغ و ساسكيند.
-خامسا كل فلاسفة الفيزياء رغم اختلافاتهم هم اصدقاء فى المحصلة أرأيتم الصداقة بين بوهر زعيم الكوبنهاغن و اينشتاين اعدى اعداء الكوبنهاغن. وهذه الصداقة العلمية و الانسانية تجعل النقاش مهما سخن لا يتعدى ابدا الطريقة العلمية نحو الحاكمية الوجودية.
فلسفة الكلام (او الفلسفة بصفة عامة) لا تتحلى بأى صفة من هذه الصفات الخمسة فتجد (العلماء يتناقشون مع الاتباع, الاتباع يتحدون العلماء, لا احد يحترم شيء, النقاش لا يحكمه اى شيء حتى العقل او الوحى, لم نسمع ابدا عن رجوع احدهم عن رأيه, الجميع عدو الجميع, و الجميع يحكم على الجميع, وو).
اذن الوضع فى فلسفة الكلام معوج و مقلوب جدا و كما نقول بالعامية الجزائرية (الداب راكب على مولاه) و (الداب) هو الحمار لكن اللفظة واضحة تماما.
اذن الرياضيات و التجربة يحترمها فلاسفة الفيزياء من العلماء و متفلسفو الفيزياء من الاتباع اكثر من احترام فلاسفة الكلام من العلماء و متفلسفو الكلام من الاتباع للوحى (الذى هو اكثر قداسة من الرياضيات و التجربة بل بالاحرى لا توجد اى قداسة للرياضيات و التجربة لكن اهلها فعلا يبجلونها اكثر من تبجيل هؤلاء من اهل الكلام للمقدس الحقيقى).
وهذا هو الفرق بين فلسفة الفيزياء و فلسفة الكلام.
ولهذا نحن نب الفيزياء و كل شيء له علاقة بالفيزياء. فهو الشيء الوحيد الذى مازلنا نجد فيه راحتنا النفسية و العقلية و الوجودية و العلمية و حتى الايمانية.
No comments:
Post a Comment