LATEX

مشغل الكوبيار حل آخر للسفر فى الزمن او الى اعماق الكون


ومن الاشياء (وهناك كثير آخر منها) التى ترعبنى الفضاء و الزمن.
فالكون يحتوى على مئات المليارات من المجرات و كل مجرة تحتوى على مئات المليارات من النجوم و المسافات بين كل هذه الاشياء تستهلك مئات الملايين من السنوات الضوئية لقطعها و بعضها ملايير السنوات الضوئية لقطعها.
فماذا يعنى كل هذا.
اذا كان كل هذا الواسع expanse (والله من اسماءه الواسع) لا يمكننا ان ندركه حتى من الناحية المبدأية فكيف يجب ان نفكر فيه هل هو فعلا موجود مثلا.
نعم فالناس تنكر وجود الله الواسع اما انا فاننى انسان بسيط اريد ان انكر وجود الكون الواسع لو وجدت الى ذلك سبيلا (مثلا فرضية المحاكاة و فرضية بولتزمان-شوتز و وجودية ابن عربى و عبثية نيتشة فكل هذه الامور فيها ضمنا انكار وجود الكون الواسع ولهذا اميل اليها).
والزمن أرعب من الفضاء لان الفيزياء تقول ان هناك فضاء-زمن لكن نحن لا نرى الا سهم الزمن. فليس من الممكن ان نرجع الى الماضى او نذهب الى المستقبل مثلما انه يمكننا ان نتحرك الى الامام/الفوق او نتحرك الى الخلف/التحت رغم ان الفيزياء تصر على انهما نفس الشيء.
و الله من اسماءه ايضا الدهر.
اذن المكان و الزمان شيئان غامضان و نحن نعلم انهما نجما فيزيائيا فى الانفجار الاكبر ومن المرجح ان الاصل هو المكان و ليس الزمان (وهذا هو رأى هاوكينغ) اذن نشأ البعد الزمانى من بعد مكانى تغيرت اشارته المينكوفسكية فى لحظة معينة صغيرة جدا بعد الانفجار الاكبر.
اما الزمان و المكان فلهما ايضا بعد نفسى و عقلى وضحه كانط و بعضهم قد يتطرف و ينكر البعد الفيزيائى للزمان و المكان تماما لكن هذا شطط فالحق ان البعد الفيزيائى مكمل للبعد النفسى و العكس.
اذن السؤال النفسى (قبل الفيزيائى) حتى نرتاج الى الوجود (و لا يصبح الامر جزء من عالم الخيال) هو: هل يمكن السفر الى مجرة اندروميدا مثلا التى هى اقرب مجرة لنا تبعد عنا بحوالى 2 مليون سنة ضوئية.
الجواب انه اذا تحركنا بسرعة الضوء (وهذا محال فيزيائيا) فاننا نصل الى هناك بعد 2 مليون سنة بعد ان ينقرض الجنس البشرى و اذا لم يكن هناك عاقل راصد واحد على الاقل يؤكد لنفسه (لنا بشكل غير مباشر) اننا نجحنا فى الوصول الى اندروميدا فكيف نتأكد فعلا اننا وصلنا الى اندروميدا. نحن فعلا سننقرض قبل ان نصل اذن نحن لن نصل ابدا الى اندروميدا بسرعة الضوء و هى اصلا ممنوعة علينا فيزيائيا.
السفر فى الزمن اخطر بكثير و قد تكلمت مؤخرا كثيرا عن هذا الموضوع و سنتكلم عنه فى المستقبل ان شاء الله اكثر.
اذن السفر الى الكون العميق او السفر فى الزمن هو شيء محال الا فى حالات استثنائية واهمها ان تكون طوبولوجيا topology الفضاء-زمن ليست مسطحة مثلا فى حالة وجود الثقوب الدودية wormholes القابلة للعبور traversable (وهى نادرة جدا جدا) وهى حلول لمعادلات اينشتاين تسمى ايضا جسور اينشتاين و روزن ER bridges و هى تعمل باستخدام التشابك الكمومى لاينتشاين Einstein و روزن Rosen و بودلسكى Podolsky كما فهمه بوهم Bohm و بال Bell كما بين ذلك مؤخرا مالداسينا Maldacena (الفيزيائى الشاب) مع ساسكيند Susskind (الفيزيائى العجوز) فى فرضية ال ER=EPR وهذا ايضا موضوع تكلمت عنه كثيرا فى حينه منذ سنتين او ثلاثة.
و لن ندخل ايضا فى كيفية عمل الثقوب الدودية بدلالة الثقوب السوداء من اجل السماح لنا بالسفر الى اندروميدا مثلا فى بضع ساعات او حتى بضع دقائق.
اذن هذا حل. الثقوب الدودية تسمح لنا بالسفر عبر الزمن بشروط اساسية اهمية مثلا شرط الانسجام الذاتى لنوفيكوف Novikov's self-consistency condition و ايضا السفر الى الكون العميق فى ازمان قصيرة جدا.
لكن هناك حل آخر للسفر الى الكون العميق كان قد اقترحه كاتب الخيال العلمى الكبير أسيموف Asimov و يتمثل فيما يسمى مشغل الاعوجاج warp drive وهو الذى نراه فى كثير من قصص و مسلسات الخيال العلمى مثلا ستار تراك Star Trek و لكن انصح كثيرا بالمسلسل على الساى-فاى ثم الامازن بعنوان الواسع The Expanse وهو احد افضل مسلسلات الخيال العلمى التى شاهدتها ابدا.
البعض قد يعتقد ان هذا الحل هو حل خيالى و ليس حلا علميا لكن الامر غير صحيح بالمرة فان ما يسمى مشغل الكوبيار Alcubierre drive هو عبارة عن مترية للفضاء-زمن تحل معادلات اينشتاين تمثل بالضبط النموذج الفيزيائى لفكرة أسيموف الخيالية (مشغل الاعوجاج).
و الكوبيار هو نسبة لميغال الكوبيار Miguel Alcubierre وهو فيزيائى نظرى مكسيكى (فى الصورة) اقترح هذا الحل لمعادلات اينشتاين عام 1994.
و مشغل الاعوجاج ل الكوبيار يعمل على الفكرة الاساسية ان (توسع الكون) لا يخضع لقوانين النسبية الخاصة بحدية سرعة الضوء بل قد تصل سرعة التوسع (وهى فعلا كذلك) الى ملايين الاضعاف من سرعة الضوء.
اذن مشغل الاعوجاج يقوم بتخليق (فقاعة توسع) حول المركبة الفضائية حيث ينكمش الفضاء امام السفينة و يتوسع وراءها مما يسمح للسفينة بقطع مسافات كونية مذهلة فى ازمان قصيرة جدا.
اذن بتكميش او قبض الفضاء امام السفينة و توسيعه او بسطه وراءها (مثل الموجة لكن هذه ليست موجة فى بنية المادة بل هذه موجة فى بنية الفضاء-زمن نفسه) فاننا يمكن ان نصل الى اندروميدا فى غضون أيام او ساعات دون ان تتحرك السفينة فعلا فهى تقبع دائما بداخل تلك الفقاعة التى تحملها موجة التوسع خلال انتشارها عبر قبض الفضاء من الامام و بسطه من الخلف.
و قد استثمرت النازا فى هذا المشروع النظرى من اجل تحويله الى هندسة عميلة قرابة ال 20 سنة قبل ان تلتقفه الاستثمارات الخاصة التى مازالت ترى انه شيء مجدى اقتصاديا وعسكريا.
اذن ميغال الكوبيار حقق صعبان اثنان من الثلاثة صعوبات التى يضعها المثل الامريكى كنموذج لاكبر الصعوبات العلمية الممكنة وهى (الفيزياء النظرية و جراحة الاعصاب و هندسة الصواريخ).
اذن ميغال نجح فى عبور صعوبتى الفيزياء النظرية و هندسة الصواريخ فى نفس الوقت و لم يبقى امامه الا صعوبة جراحة الاعصاب. واننى متأكد ان لو كان الامر يهمه فعلا لاجتاز هذه الصعوبة الطبية باسهل من صعوبتى الفيزياء النظرية و الهندسة الصاروخية.
فى الجزء الثانى من هذا الموضوع غدا ان شاء الله ساقدم مترية الكوبيار التى تحل معادلات اينشتاين للنسبية العامة و من اجل هذا سنحتاج الى صياغة ال ADM الهاميلتونية للنسبية العامة التى لا يلتفت اليها الطلبة بالاهتمام لاعتقادهم بأنها غير مهمة ودليل ذلك محاضرة اليوتوب فى الموضوع التى هى اقل المحاضرات بين محاضرات النسبية العامة من ناحية المشاهدة مما يؤكد عدم وعى و استيعاب الطلبة لما هو مهم و لما هو مهم و لما هو مهم فليس هناك شيء غير مهم فى الفيزياء النظرية.
مترية الكوبيار (التى هى بالضبط مشغل الكوبيار) تحقق نفس شرط الثقوب الدودية فى كونها تحتاج الى المادة الغريبة exotic matter ذات الطاقة السالبة (مثل قوة الكازمير Casimir force الكمومية مثلا) من اجل توليد تشوه او اعوجاج فى الفضاء-زمن يتصرف مثل التوسع اى يقوم بقبض الفضاء امام السفينة و بسطها خلفها (مثل جنى سليمان عليه السلام مثلا) مما يؤدى الى انتقالها وليس تحركها (بل الفضاء-زمن هو الذى يتحرك هنا فهذا المشغل يُخلق موجة فى بنية الفضاء-زمن) بسرعات تفوق سرعة الضوء باضعاف كثيرة دون كسر اى قانون من قوانين النسبية الخاصة و لا العامة.


No comments:

Post a Comment