LATEX

آلة الزمن و الثقب الدودى

والجهل لا يعنى عدم العلم.
بل هو فقط موجود فى الانسان لكن العلم موجود دائما فى الخارج جهله من جهله و علمه من علمه.
اما موضوع "آلات الزمن" فهو موضوع معقد جدا فيزيائيا و فلسفيا.
اما فيزيائيا فهو موضوع يمس النسبية العامة فى اسسها. وهو موضوع ذو علاقة بالمنحنيات الزمنية المغلقة او ال CTC اى closed timelike curves.
وهو موضوع يخص سطوح كوشى Cauchy و حدسية الرقابة censorship conjecture و مسألة المفردات singularities problem.
وهو موضوع يخص الثقوب السوداء black holes و الثقوب الدودية wormehole التى هى الوسيلة الوحيدة لصناعة آلة زمن.
حيث ان صناعة آلة الزمن يتطلب أولا صناعة ثقب دودى قابل للعبور traversable ثم ثانيا صناعة فرق زمنى بين فمى الثقب الدودى ثم ثالثا تقريب فمى الثقب الدودى من بعضهما البعض تقريبا مكانيا.
وفمى الثقب الدودى هما ثقب اسود و ثقب ابيض (وهو المعكوس فى الزمن للثقب الاسود).
والثقب الاسود هو الثقب الذى يبتلع كل شيء يعبر الافق من الخارج و لا يقيء شيء اما الثقب الابيض فهو الثقب الذى يقيء كل شيء يعبر الافق من الداخل و لا يبلع شيء.
اذن آلة الزمن هى ثقب دودى بهذه الخواص وهى آلة للزمن لانها تصنع بالضبط منحنيات زمنية مغلقة فى الفضاء-زمن.
اذن يمكننا ان نسافر للماضى باتباع واحد من هذه المنحنيات التى تدخل من الفم الذى هو ثقب اسود فى زمن t ثم تمر عبر عنق throat الثقب الدودى لتخرج من الفم الذى هو ثقب ابيض فى زمن t-T حيث ان T هو الفرق الزمنى.
اذن حتى نفهم هنا ماذا يحدث.
فان الذى يدخل من الفم الاسود ليخرج من الفم الابيض للثقب الدودى هو لن يصرف الا زمنا ذاتيا صغيرا جدا و الزمن الذاتى proper time تذكروا من النسبية العامة هو الزمن الذى يسجله الراصد على ساعته الذاتية.
لكن بالنسبة الى معلم عطالى يكون بالنسبة اليه الثقب الدودى فى حالة سكون فان الزمن فى الفم الابيض الذى هو زمن الخروج t-T هو اقل بكثير من الزمن فى الفم الاسود الذى هو زمن الدخول t اذن بالنسبة الى هذا المعلم العطالى فان هناك سفر الى الماضى.
اما السفر الى المستقبل فانه يتطلب عبور الثقب الدودى فى الاتجاه العكسى.
اذن آلة الزمن هى ثقب دودى يصنع منحنيات زمنية مغلقة تسمح لنا بالسفر فى الزمن فى الاتجاهين.
هذه المنحنيات الزمنية المغلقة فى الفضاء-زمن هى ما سماها الفيزيائى النظرى الاول فى هذه المواضيع الروسى نوفيكوف "الجن".
اذن هذا مصطلح علمى بحت مستمد من فكرة الجن لكن صاحبه ليس له اى رؤية ميتافيزيقية تجعلنا نتشكك فى نيته. المصطلحات لا خلاف حولها اذا تم تعريفها بشكل علمى مضبوط.
فى هذه المنحينات الزمنية المغلقة فان الاسباب تصبح سابقة و فى نفس لاحقة للمسببات و ليس لها اى نقطة بدء و لا اى نقطة منتهى و قد تتطابق المسببات مع الاسباب لكن اذا كانت منسجمة فانها تسمى الحلقات السببية causal loop التى تكلمنا عنها المرة الماضية.
نأخذ كمثال تناقض بولشينسكى (و بولشينسكى هو الفيزيائى الوترى الكبير الذى توفى العام الماضى).
الخطوة الاولى: لدينا كرة بليارد فى الحاضر عند الساعة ال 12. هذه هى الكرة الاصلية.
الخطوة الثانية: هذه الكرة سوف تصطدم على الساعة ال 1 بكرة بليارد اخرى واردة بزاوية مختلفة.
الخطوة الثالثة: على الساعة ال 2 يتم نقل هذه الكرة الاصلية المصدومة الى ماضيها عند الساعة 1 عبر آلة زمن.
هذه الكرة الاصلية المصدومة هى التى ستصطدم فى الخطوة الثانية بالكرة الاصلية.
اذن فى هذه المسألة الكرة الاصلية هى فى الحقيقة سيتم مصادمتها مع الكرة الاصلية المصدومة من المستقبل.
بولشينسكى عندما اقترح هذه المسألة على ثورن (الذى حاز على نوبل العام الماضى فى موضوع الامواج الثقالية) اعتقد انه تناقض لانه لم يجد اى حل منسجم لمعادلات الحركة.
اليوم نحن نعرف (وهذا قام به ثورن مع نوفيكوف و آخرين) ان هناك حل منسجم لهذه المسألة.
اى ان كرة البيليارد يمكنها ان تسافر فى حلقة زمنية سببية و تصطدم مع نفسها فى الماضى دون حدوث اى تناقض فيزيائى.
اما فلسفيا فان آلة الزمن تؤدى الى ما يسمى معضلة البوتستراب bootstrape paradox التى ذكرناها فى المنشور السابق الى تعرف ايضا باسم تناقض المعلومات information paradox, التناقض الانطولوجى ontological paradox, تناقض القدر predestination paradox و غيرها من الاسماء العميقة التى تدل على أهمية هذه المسالة وارتباطها الوثيق بكل شيء آخر عميق.
هذه المعضلة (من مثال كرة البيليارد) تقترح ايضا ان الشخصية غير محفوظة عبر الزمن عكس اعتقاد اغلبية الفلاسفة و علماء العصبونات (كرة البليارد اصطدمت مع كرة البليارد الآتية من المستقبل مما يعنى انهما شخصيتان مختلفتان فعلا و ليس شخصية واحدة).
اذن انت فى الماضى لست أنت الآن لست انت فى المستقبل و هذا تحدى آخر للحرية و المسؤولية و الاخلاق.



No comments:

Post a Comment