LATEX

فرضية بولتزمان-شوتز

و أول مرة قرأت عن "فرضية بولتزمان-شوتز" عند فيلسوف الزمن هيو برايس فى معرض انتقاده الشديد لها وجدتنى اقول لنفسى: هذا هو الامر الذى كنت ابحث عنه منذ مدة طويلة جدا. فهو نموذج رياضى من ثالث العمالقة فى الفيزياء -بولتزمان- (وهى ليست فكرته بل هى فكرة مساعده شوتز كما يذكر بولتزمان نفسه).
اذن هو نموذج رياضى يجمع الكثير من الامور التى تبدو متناقضة للوهلة الاولى.
و عندما قرأت عن هذه الفكرة عند برايش شدنى جدا شرحه المقتضب لها و المنحنى الوحيد الذى وضعه لتوضيحها ثم لما تابعت القراءة وجدته يعطى انتقادا طويلا لها شدنى هو الآخر لها و ليس ضدها.
اذن انتقادات برايس ل "فرضية بولتزمان-شوتز" شدتنى ليس للموقف المعارض لها المتحمس ضدها كما كان يهدف يرايس ان يفعل قُراءه بل شدنى للموقف المناصر لها و المتحمس لها.
على كل حال كنت اعرف ان برايس هو من دعاة نظرية ارخميدس فى الزمن (التى هى نظرة الفيزياء الحديثة لنيوتن و اينشتاين) فى انه لا يوجد هناك سهم للزمن.
و كنت ارى ان هذه النظرة نظرة قاصرة جامدة تختزل جزءا اساسيا من القضية كان قد تكلم عنه القديس اوغستين وهو ان سهم الزمن هو جزء موضوعى من العقل و الذاكرة و الخيال فهناك جزء نفسى مهم فى ماهية الزمن.
اذن اننى من المتحمسين لفرضية "بولتزمان-شوتز" فهى تحتوى من بين ما تحتوى عليه على:
-فرضية عديد-الاكوان (الكوسمولوجية) و ان هذا الكون الذى نعيش فيه هو جزء ضئيل ربما مهمل من عديد-الاكوان.
-عديد-الاكوان هو جملة ميتة حراريا وهذا يعنى بكل بساطة انها جملة ثابتة لا تتغير و هى تقابل الزمن الاول الذى هو الدهر و هو زمن لانهائى.
-هذا الكون هو تقلب حرارى واحد من عدد لانهائى من التقلبات الحرارية الممكنة و كل تقلب حرارى هو كون مختلف.
وهذا يقابل الزمن الذى نعرفه الذى له سهم (الذى يتبع القانون الثانى للترموديناميك فى ان الانطروبى دائما فى حالة زيادة مضطردة).
-اذن الزمن له سهم فى كوننا و قد يكون له سهم معاكس فى كون آخر لكن عديد-الاكوان ليس له سهم (وهذا اول تطبيق لفكرة المنظورية).
-الزمن الذى له سهم هو زمن نهائى (لان التقلب الحرارى محدود زمنيا) لكن عديد-الاكوان له دهر لانهائى.
-رغم كل هذه التقلبات (وعددها لانهائى) فان عديد-الاكوان يبقى ثابت غير متغير (ونقول ميت حراريا بلغة الفيزياء). فعديد-الاكوان هو لانهائى و هو اكبر من كل اللانهايات الكونية بمرات لانهائية (فهناك عدد لانهائى من اللانهايات اكبر من بعضها البعض بمرات لانهائية كما نعرف من فلسفة الرياضيات).
-فرضية المحاكاة (وقد يكون ليس كل شيء فى الواقع هو محاكاة لكن جزء معتبر منه محاكاة). فالمحاكاة تكلف ظاقويا اقل بكثير من التقلب الحرارى الحقيقى.
-والمحاكاة ليست بالضرورة غير-حقيقية اذا كان كل الواقع (او جزء معتبر منه) محاكاة. لانه اذا كان كل شيء محاكاة فتلك هى الحقيقة لا اقل و لا اكثر.
-المبدأ الانظروبيكى (او المبدأ البشرى). اذن الارض (والانسان) رغم انها ليست هى مركز الكون (كما تقول الطريقة العلمية) الا انها مكان مميز فى الكون. وهذا اول تطبيق لفكرة تميز الانسان رغم عدم مركزيته.
-المونيزم. لا يوجد شيء آخر فعلا الا عديد-الاكوان و هو ثابت وهو الموجود الحقيقى بل هو الوجود نفسه.
-ثم عندما يدخل الميكانيك الكمومى الى الفرضية فيمكن عندها تفسير سهم الترموديناميك و سهم الزمن بالرصد و انهيار دالة الموجة وهذا من اقوى تطبيقات المنظورية. وهذا يشير ايضا الى نفسية السهم فى الزمن فى الكون الذى نعيش فيه.
-اذن الانسان يتميز بعقل و وعى و علم وهو انعكاس للزمن ليس شيئا آخر.
والوعى يقابل درجات حرية (وهذا مصطلح فيزيائى نقصد به متغيرات) يجب ان تكون ناجمة هى الاخرى عن تقلب حرارى انطلاقا من عديد-الاكوان.
اذن عديد-الاكوان نفسه يجب ان يتميز بعقل و وعى و علم و عدد درجات الحرية المرفقة بكل ذلك هو لانهائى (وهذا لا يتطلب ان يكون الكون الذى نعيش فيه واعى و عاقل و عالم فقط عديد-الاكوان يجب ان يكون كذلك).
-والكمومى يؤدى ايضا الى فكرة ان الكون الذى نعيش فيه هو نفسه تركيب خطى لفروع مختلفة. هذه الفروع مرتبطة ببعضها البعض عبر برزخ. وهذه الفروع وجودها كمونى غير-متحقق اما البرزخ فوجوده اكثر تحققا.
فالعقل و المادة نفسهما هما تركيب خطى لنفس الحالة (هنا المونيزم مرة اخرى) مرتبطان ببعضها البعض ببرزخ و هو الخيال الذى يذكره ابن عربى فهو اكثر تحققا-وجوديا من كل من العقل و المادة (بالنسبة لبولتزمان اما بالنسبة لابن عربى فالخيال اكثر تحققا وجوديا من المادة فقط و ليس من العقل).
-لكن كون الانسان هو تقلب حرارى (او تجلى) من عديد-الاكوان يعنى ان ارادته خاضعة للقوانين الترموديناميكية التى تحكم كل شيء وهذه هى التواؤمية التى هى بالاساس جبر محض على كل موجود الا المبدأ الانطروبيكى (الذى يتحول عنده الجبر الى تواؤمية).
-و كما ان المبدأ الانطروبيكى هو مركز الكون فان الحقيقة المحمدية هى مركز المبدأ الانطروبيكى.
-اما معضلة الشر فتتطلب مبدأ انطروبيكى ليس مركزه الانسان بل مركزه الشيطان. فهناك شر حقيقى لا يمكن تفسيره الا بحرية حقيقية لا يمتلكها الانسان لكن يمتلكها الشيطان (فحظ الانسان من الحرية هو التواؤمية لا اقل لا اكثر) .
وهذه بعض الافكار التى تنطوى عليها فرضية "بولتزمان-شوتز" التى انتقدها كثير من فلاسفة الفيزياء فى هذا العصر لان اجندتهم تختلف عن اجندتنا و هذا دون ان يقدموا بديل حقيقى لتفسير الزمن و سهمه و تدفقه و نسبيته.
لاحظوا اننى لم اشرح بالضبط ماهية فرضية بولتزمان و شوتز التى نتركها اذن لفرصة اخرى ان شاء الله.
-

No comments:

Post a Comment