LATEX

الفيزياء العددية مرة اخرى و كيف تتعامل مع الزمن و الفضاء و المالانهاية


العلم يتميز بالصفاء و الشفافية و البراءة مالم تتدخل فيه يد الانسان و هى لن تتدخل ليس لأن الانسان صاف و شفاف و برئ و لكن لأن الطريقة العلمية و الطريقة الرياضية هما دائما بالمرصاد لذلك الانسان و انحرافاته و تعسفاته.
هذا هو سر نجاج العلم فى الرقى بالانسان رغم نقائص اخرى كثيرة يمكن التغاضى عنها مع كل هذا النجاح الباهر-فى الحياة قبل العلم- الذى نعيشه و نراه امامنا فى الغرب بالخصوص.
واصفى و أشف و ابرء و ايضا اقوى ما فى العلم هى الفيزياء التى هى أم العلوم كلها.
والفيزياء انواع: نظرية و تجريبية و عددية.
فالتجريبية آلة جهنمية عمياء.
و النظرية ألة عميقة ذات عبقرية هائلة.
والعددية وسط بين الاثنين و هى رسول بينهما و هى فى الواقع اصفى الجميع و أكثرهم نقاءا وهذا هو الرأى فى هذا المنشور.
فالفيزياء العددية او الفيزياء الحاسوبية computational physics تعتمد على علوم الحاسوب computer science و على الحاسوبية العلمية scientific computing و على علوم التحليل العددى numerical analysis و الخوارزميات algorithms و التشفير coding الرياضية لحل مسائل فيزيائية نظرية عويصة و معقدة جدا ليس هناك طريق آخر لحلها.
وأقول ان الفيزياء العددية اصفى الجميع لأن علوم الحاسوب اصفى من الفيزياء فى امرين اساسيين تعتمد عليهما هما:
اولا المنطق منطق ارسطو لكن حسب ما طوره بوول Boole الذى هو منطق جبرى-حسابى و ليس منطق فرجى Ferge و راسل Russell الذى هو منطق لغوى-رمزى.
ونحن مع الخوارزمى و من بعده العظيم ليبنيز فى تفضيل الحساب و الجبر لحسمهما على اللغة و الرمز لعدم حسمهما لأى شيء.
ثانيا الحساب فكل علوم الحاسوب هى حساب مبنى على الاعداد الطبيعية و الاعداد الكسرية (الناطقة او المنطقية كما يسميها البعض) و هذا لمحدودية دقة الآلة.
و الحساب و العد اصفى و ادق انواع الرياضيات على الاطلاق.
اذن منطق يوول و الحساب هذا كل ما يجرى داخل الألة و هذا كل اساس علوم الحاسوب و هو اساس قوى جدا.
اذن تأتى الفيزياء النظرية بافكارها الجهنمية و تريد ان تحل مسائل معقدة فى غاية الاهمية باستعمال علوم و تقنيات الحاسوب فتجد نفسها مجبرة على اختزال كل الرياضات الهائلة التى تعتمد عليها الى منطق بوول و الحساب و لهذا قلت فان الفيزياء العددية هى اصفى انواع الفيزياء و الفيزياء النظرية.
فكل شيء يقبل الخورزمة و التشفير الحاسوبى هو فى اعلى درجات الدقة و الصفاء و الضبط و الشفافية و اليقين غير الموجود حقيقة حتى فى انواع الفيزياء الاخرى. علينا ان نعى ذلك جيد ثم نعترف به من حين الى آخر.
وهدف الفيزياء العددية هو اجراء الحساب العددى او المحاكاة العددية على نظريات و نماذج الفيزياء النظرية.
والمحاكاة العددية هى تجربة افتراضية بكل المقاييس و هى افتراضية لانها تُجرى على الحواسيب و ليس فى الواقع لكنها تجربة كغيرها من التجارب.
و المحاكاة العددية هى حساب عددى يتميز بشيء اساسى يغيب فى اغلب الحساب العددي و هو استعمال العشوائية -اى الصدفة- عبر استعمال الاعداد العشوائية random numbers و خوارزميات مونتى كارلو Monte Carlo.
و العشوائية اساسية للطبيعة لان الطبيعة تعتمد اساسا على الصدفة.
لكن حتى تنجح الفيزياء العددية فى تشفير و خورزمة تلك الفيزياء النظرية اى اختزالها الى منطق بوول و الحساب فانها تفترض ثلاثة اشياء اساسية لا يتكلم عنها المختصون و لا غيرهم لا كثيراة و لا قليلا و هى:
اولا الزمن حسب الفيزياء و حسب ما نجده فى الطبيعة هو فعلا زمن نسبى relativistic time كما بين و وضح ذلك اينشتياين وهو يأتى مثلا فى ما يسمى مترية metric الفضاء-زمن باشارة معاكسة لاشارة الاتجاهات المكانية الثلاثة.
كل التحليل العددي و الفيزياء الحاسوبية او العددية المعروفة للانسان لا يمكنها ابدا ان تتعامل مع زمن نسبى بشكل مباشر و لهذا نضطر الى القيام بما يسمى تدوير وييك Wick rotation و هو نوع من الأقلدة Euclidean-ization للنظرية اى تحويل الفضاء-زمن ذى البنية الهندسية الريمانية Riemannian geometry نسبة الى ريمان Riemann الى فضاء ذى بنية هندسية اقليدية Euclidean geometry نسبة الى اقليدس Euclid.
بعبارة اخرى نحن لا نستطيع ان نمارس الحساب و المحاكاة العددية بالزمن الحقيقى النسبى الذى يظهر فى الطبيعة و الفيزياء فنضطر الى تدويره اى تحويله الى شيء يسمى الزمن التخيلى وهو زمن افليدى وهو بكل بساطة نوع من المكان اى الفضاء.
أهم نتائج تدوير الزمن الى زمن تخيلى (اى فضاء) هو تحويل دالة الموجة wave function الكمومية التى تعطى (بدلالة الفعل action) طويلة احتمال probability amplitude (ركزوا طويلة الاحتمال و ليس الاحتمال نفسه) الى احتمال عادى.
اذن تدوير الزمن الى زمن تخيلى اقليدى يؤدى الى تحويل دالة الموجة الى احتمال احصائى عادى و تذكروا فان نطرية الاحتمالات هى جزء من المنطق عند الانجليز.
وهذا الربط بين تدوير الزمن من زمن نسبى الى زمن تخيلى اقليدى (اى فضاء) و تحويل الميكانيك الكمومى الى احتمالات من اعمق و اغمض نتائج الفيزياء النظرية التى لا اظننى وجدتهم يناقشونها كثيرا.
ثانيا لكن حتى تتمكن الفيزياء العددية من تشفير و منطقة و حساب نتائج الفيزياء النظرية فانه لا يكفيها اقلدة الزمن النسبى بل يجب عليها ايضا تقطيع الفضاء اى المكان.
فالفضاء فى الهندسة الاقليدية و فى الهندسة الريمانية و عند الاغلبية الساحقة من الفيزيائيين و الفلاسفة (الا المتكلمين و هذه تحسب لهم فعلا) هو مستمر continuum اى ان المستقيم مثلا هو المستمر الحقيقى real continuum اى بكل بساطة على المستقيم بين كل نقطة و نقطة مهما تصاغرت المسافة بينهما توجد نقطة و لهذا نقول ان الاعداد الحقيقية هى كثيفة dense.
نفس الشيء بالنسبة للمستوى و للفضاء فهى كلها مستمرات و هذا لا تتحمله الفيزياء العددية و علوم الحاسوب لانهما يتعاملان فعلا و فى الحقيقة مع الاعداد الطبيعية المتقطعة discrete و ليس مع الاعداد الحقيقية المستمرة continuous.
لهذا فانه فى الفيزياء العددية نُقطع discretize دائما الفضاء الاقليدى (هنا نقصد به الفضاء-زمن بعد تدوير وييك للزمن).
و اذن فان المكان هو مجموعة من النقاط المتقطعة حيث تفصل بين كل نقطة و نقطة مسافة منتهية قد تكون صغيرة جدا لكنها ليست يقينا صفر.
ثالثا بعد ان دورنا الزمن النسبى تدويرا اقليديا و قطعنا المكان الى نقاط منفصلة و ليست متصلة علينا الآن ان نضع حدا و حدودا للزمن و الفضاء.
فالفيزياء العددية التى تريد تشفير و خورزمة جزء معتبر من الفيزياء النظرية (خاصة الاساسية منها) و اختزالها على طريقة علوم الحاسوب الى منطق يوول الجبرى و الحساب (العقليان جدا) فانها يجب ايضا ان تضع الكون او الجملة الفيزيائية او الفضاء-زمن (الذى اصبح فضاءا اقليديا مقطعا اى منفصلا) فى علبة منتهية الحجم.
فالمنطق -منطق بوول- و الحساب و الفيزياء العددية و علوم الحاسوب وحتى الفيزياء النظرية و الرياضيات (ولو ضمنيا) لا تتحمل جميعها المالانهاية و لا تعرف التعامل معها الا عبر الاستقطاب extrapolation و اشياء اخرى.
بعد تدوير الزمن النسبى الى زمن اقليدى يشبه فى كل شيء المكان, ثم تقطيع المكان الى نقاط منفصلة, ثم وضع كل شيء فى علبة و التخلص من المالانهاية فان الفيزياء العددية تتمكن من تشفير و خورزمة الفيزياء النظرية التى تتحول بذلك الى منطق بوول و حساب كما أراد ليبنيز ذلك لكنه اراده فى الميتافيزيقا و لم يتحقق فحققته الفيزياء النظرية و اراده فرجى و راسل فى الرياضيات و لم يتحقق و حققته ايضا الفيزياء النظرية كل ذلك عبر ابنتها الوفية الفيزياء العددية.
وهذه هى قصة الفيزياء العددية الحقيقية التى لا يُقدرها الكثيرون و تعسف بحقها آخرون اكثر منهم و احتقرها من لا يفهم شيئا اصلا.

مصفوفات ديراك

المادة فى الكون تتشكل مما يسمى:
-لبتونات (مفرد لبتون lepton) مثل الالكترونات و النيترينوات (مفرد نيترينو neutrino)
-و كواركات (مفرد كوارك quark) التى تتشكل منها الهايدرونات (مفرد هايدرون hadron) مثل البروتونات و النيوترونات.
ورغم اختلاف هذه الجسيمات الاولية اختلافا جذريا فى كل شيء ابتداءا من الكتلة و انتهاءا بانماط تفاعلها فان اللبتونات و الكواركات تتميز بشيئين أساسيين مشتركين:
-اولا هذه جسيمات اولية فعلا على الحقيقة -على مصطلح علم كلام  أحدهم- و ليس وهما. فهى فعلا جسيمات بدون بنية داخلية و لا تقبل الانقسام الى جسيمات اولية لكن اذا تصادمت بقوة كافية فهى تتلاشى و تتحول الى انماط اخرى من المادة و الطاقة. اذن الكواركات و اللبتونات هى فعلا الجوهر الفرد الذى جادل فيه و مازال الفلاسفة و المتكلمون من عشاق الكلام المنمق الغامض الحشوى.
-ثانيا هذه الجسيمات اى اللبتونات و الكواركات تشترك فى خاصية فيزيائية وحيدة هى كونها تتميز بعزم لف او سبين spin يساوى تصف.
هذا يعنى ان هذه الجسيمات هى فرميونات (مفرد فرميون fermion) نسبة الى فيرمى Fermi اى انها تخضع لاحصائية فيرمى و ديراك Fermi-Dirac statistics او ما يعرف بالشكل الكيميائى المبسط مبدأ الاستبعاد لباولى Pauli exclusion principle اى انه لا يمكن لأى فرميونين ابدا احتلال نفس الحالة الكمومية معا فى نفس الوقت.
فهذه خاصية عميقة جدا تتميز بها مثلا الالكترونات و غيرها من اللبتونات و ايضا كل الكواركات بدون استثناء وهى المسؤولة عن استقرار المادة و تماسكها.
وهى الخاصية (التى تعرف فى نظرية الحقل تحت مسمى مبرهنة السبين و الاحصاء spin-statistics theorem) التى قال عنها الفيزيائى الاكثر بيداغوجية و قدرة على الشرح العميق المبسط فى التاريخ فايمان Feynamn انه لا يستطيع ان يشرحها بأى شكل مبسط الا اذا استعمل نظرية الحقل الكمومى quantum field theory وهى ليست شيئا بسيطا ابدا.
كون اللبتونات و الكواركات هى فرميونات اى جسيمات اولية بعزم لف او سبين يساوى نصف يعنى انها توصف رياضيا بشيء -دالة موجة- يسمى سبينور spinor وهى كما ترون مصطلح مشتق من السبين spin اى عزم اللف.
هذا السبيور هو كائن رياضى يعيش فى فضاء يمكن تمثيله بما يسمى مصفوفات ديراك Dirac matrices ولهذا فان معادلة ديراك Dirac equation التى تعطى دالة موجة الالكترون تتضمن ضرورة و بشكل اساسى مصفوفات ديراك و ايضا فانه يجب التأكيد مرة اخرى ان دالة الموجة التى تظهر فى معادلة ديراك هى فى الحقيقة سبينور.
مصفوفات ديراك تحقق جيرية شهيرة فى الرياضيات تسمى جبرية كليفورد Clifford algebra و هى كانت معروفة قبل ديراك بسنوات طويلة لكن ديراك اعاد اكتشافها دون ان يعلم بكليفورد فى الفيزياء و لهذا فان المصفوفات تسمى مصفوفات ديراك و الجبرية التى تحققها تسمى جبرية كليفورد.
اذن السبينور الذى هو دالة موجة اللبتونات و الكواركات و الذى يحل معادلة ديراك يعيش فى فضاء مصفوفات ديراك وهو قد يعيش فى اى بعد للفضاء-زمن انطلاقا من 1 الى غاية 11 بعد وهو اقصى حد تسمح به المتطلبات الرياضية و الفيزيائية.
فى الملف المرفق نناقش مصفوفات ديراك بشكل اكثر دقة لكن بعجالة خاصة فى ابعاد الفضاء-زمن الفردية التى تهم النظرية المصفوفية Matrix Theory لنظرية الوتر.
من اجل تفصيل اكثر انظروا الملاحق فى كتاب بولشينسكى Polchinski الذى توفى العام الماضى و الذى ارغب جدا ان اقول فيه بسبب الفيزياء رحمة الله عليه! لكننى اجد نفسى لا استطيع بسبب التاريخ و الجغرافيا و العقيدة!

محاضراتى فى الكمومية تطلب للنشر فى ألمانيا

يسعدنى جدا ان اعلن ان محاضراتى حول أسس النظرية الكمومية التى القيتها فى جامعتى الواد و جيجل طلبتها دار نشر سبيرنغر Springer الألمانية لنشرها ككتاب عندهم وهذا من دون اى طلب منى لأى نشر لا عندهم و لا عند غيرهم و دون ان اخطط اصلا لنشر هذا العمل.
ايمايل مديرة التحرير فى الصورة.
الكتاب على الاركايف.
https://arxiv.org/abs/1811.04245
وللعلم -وهذه قصة لم اقلها الا للمقربين لاننى لم افهم ماحدث لكننى الآن استطيع ان احكيها لان لدى الدليل المضاد- فان هذه المحاضرات الموضوعة على الاركايف arXiv قد تعرضت عند اول طرحها على خوادم الاركايف الامريكية لمقص الرقابة و تم حذفها دون اى تبرير من الادارة.
فكتبت رسالة طعن فى نفس اليوم و بعد حوالى ال 3 ايام عادت ادارة الاركايف و اعادت المحاضرات على خوادمها دون اى تبرير و تفسير ايضا.
اذن رفضوا اولا بدون اى تبرير و قبلوا بعد الاعتراض من قبلى بدون اى تبرير ايضا.
هذه المحاضرات السوفية-الكتامية موجودة على الاركايف منذ ذلك الحين منذ اكثر من شهرين لكن تصرف الاركايف معى جعلنى اتشكك قليلا لكن بعد طلب السبرينغر لنفس هذه المحاضرات -وهم جهة تجارية تتعامل فى نشر العلم لكن ايضا يهمها المال و المدخول- فان كل تشككى قد زال تماما.
فكما تقول مديرة التحرير عند السبرينغر -التى اتصلت بى و لم اتصل بها - فانها تعتقد ان هذه المحاضرات موائمة جدا للاهداف المسطرة من قبل دار نشرهم.
اذن قبول هذه المحاضرات من قبل سبرينغر هى رسالة ضمنية للاركايف الذى صحح خطأه معى بسرعة لكن الذى حز فى نفسى انه اخطأ اصلا بحقى.
هذه المحاضرات تحتوى على رأيى الخاص بتفسير الميكانيك الكمومى و من هنا تكمن اهميتها بالنسبة لى.
هذه المحاضرات و طلب سبرينغر العلمىة-التجارىة لها لنشرها هى ايضا رسالة ضمنية لمن يعقد الاعراس عندنا و يسميها ملتقيات علمية و يتعمد اقصائى كل مرة اننى و الحمد لله لا العب. فالذى اقوم به قليل لكنه يزن كثيرا ان شاء الله عند من يعرف الوزن.
وقد ارسل لى احدهم -الذى سميته أب الفيزياء النظرية فى الجزائر فى منشور قديم- و عرض على ان اكون فى اللجنة العلمية للملتقى-العرس الذى سيعقده فقلت فى نفسى حتى يتركنى هذا البشر و شأنى فاننى سأطلب منه شيئا لن يلبيه لى -لاسباب نفسية و ليس لاى أسباب اخرى- فقلت له: شكرا على الدعوة فان هذا مهم جدا ان اكون فى اللجنة العلمية لكن الاهم وهو المهم بالنسبة لى هو ان اكون محاضرا اساسيا فى الملتقى. فذهب و لم يعد كما توقعت. وضربت بذلك عصفورين بحجر واحد ابرأت الذمة و تخلصت من وجع الرأس.
فهذا الشخص هو نفسه الذى كاد ان يتسبب فى ضياع مستقبلى العلمى -وهى حكاية قد حكيتها هنا ايضا من قبل- منذ 25 سنة عندما اتصل بال ICTP وجاء بملفين اعطاهما لزميلين و تركنى و قد كنت الاول على الدفعة فى جامعته و جامعتين اخريتين لكن كل ذلك لم يكفه دليلا على الاستحقاق وفعل ما اراده فخذله الله. فاننى فى العام الموالى مباشرة ذهبت الى ال ICTP لكن باتصالتى الشخصية التى لم يعلم بها لا هو و لا اى احد فى جامعته.