LATEX

اول محاضرات الماجيستير هذه السنة

وبعد تردد نفسى و تردد مادى دام أكثر من شهر ذهبت اليوم و قدمت اول محاضرات الماجيستير فى نظرية الحقول الكمومية..
وقد ذهبت بعد أخذ طويل و رد أطول و بعد ان القيت المحاضرة شعرت ومازلت بارهاق شديد و كأننى لا ادرى ما فعلت وهى لم تكن الا ساعة و نصف فقط قضيتها فى الشرح..
اقول و اعترف اننى اجد صعوبة شديدة فى التوفيق بين وظيفتى كأستاذ مدرس و وظيفتى كأستاذ باحث و لأنه بطبعى و ميولى اميل الى البحث اكثر من التدريس فاننى احبذ توفير كل الجهد الذى احتكم عليه الآن الى البحث و ليس الى التدريس..
اذن هناك تعارض شديد -على الاقل عندى- بين العلم و التعليم..
لكن ايضا اعترف ايضا ان الحياة مربكة اكثر من هذا فهناك عنصران آخران لا يمكن اختزالهما وهما الاهل و الأولاد و القيام عليهم و الدين و التدين و الالتزام بالواجبات الدينية على أتم وجه..
اذن فاننى أرى أو بالاحرى فاننى اعيش صراعا حادا من اجل التوفيق بين الاسرة و العلم و الدين و الوظيفة..
ولا ادعى اننى وُفقت الى التوفيق بينهم بل على العكس اننى اعترف اننى فشات بامتياز و اكثر من هذا فاننى ادعى انه لا يمكن ابدا التوفيق بينهم و ان النجاح على اى جبهة سيجعلك تُقصر على الجبهة الاخرى لا محالة..
الا ربما بالنسبة للسوبرمانس -وهم كثر عندنا- سيقولون لك بل ممكن التوفيق و أكثر من هذا فان النجاح فى التوفيق بين هذه الاشياء المتنافرة سهل جدا..
اما الاسرة فهو واجب غريزى بيولوجى نفسى اذن لا فكاك منه..
اما التعليم فهى الوظيفة و اننى فعلا اصبحت لا احبذها أبدا -خاصة مع نوع التعليم و المعلم و المتعلم الذى نعيش بين احضانهم-..
وهى مشكلة اعيشها كأستاذ فى الجامعة مع الطلبة و كمعلم -تصوروا اننى اصبحت معلم!- للاولاد فى البيت و لا ادرى من هو الاسوء: التدريس لشباب فى العشرين ميكانيك الكمومى ام تعليم الاولاد فى العاشرة مبادئ الحساب و القراءة!..
لكن المهمة مع الاولاد تحكمها ضرورات البقاء فى هذا المجتمع لانها جزء غريزى يجب ان تقوم به على احسن ما يرام -او على الأقل أن تحاول- فهم اولادك لا يمكنك ان ترضى بأن تتهم البلاد او النظام او الادارة او اى طرف آخر خارجى رغم ان كل هؤلاء فعلا مسؤول بشكل مباشر و غير مباشر عن هذا الوضع..
اما الدين فهو فعلا يتطلب جهدا و اجتهادا من المُكلف و يتطلب توفير الوقت له فرمضان كل سنة فى وقت و الجمعة كل اسبوع فى وقت و الصلاة فى كل يوم فى حمسة اوقات و كل تلك الاوقات اوقات قمرية مما يجعلها تفرض فوضى عارمة على اوقات الحياة اليومية الشمسية..
وكمثال نأخذ صلاة الجمعة فعندما كنا فى الثمانينات على مذهب مالك دون اى خلفية سياسية كانت الجمعة كل جمعة على الساعة الواحدة زوالا اذن الالتزام واضح اسيوعيا على مدار السنة..
اما اليوم فلاننا اصبحنا مالكية على مذهب الدولة او مذهب السلفية فانه يجب ان نلتزم حرفيا بوقت دخول الصلاة و كل اسبوع يؤذن للجمعة فى وقت مختلف -على الأقل عندنا- و هذه فعلا فوضى لمن ليس له وقت اما من كل وقته هو وقت فراغ فلا مشكلة عنده..
وخذ ايضا مثال صلاة الفجر التى تتحرك خلال السنة من الثالثة صباحا تقريبا فى الصيف الى تقريبا السادسة صباحا فى الشتاء و كل العمل يبدأ على الثامنة صباحا فهذا اختلال كبير بين التدين و الحياة..
اذن هناك صعوبة شديدة يومية فى التوفيق بين الواجبات الاسرية (الغريزية) و الواجبات التعليمية (المهنية) و الواجبات الميتافيزيقية (الدينية) و ايضا الواجبات البحثية (العلمية) الذى هو فعلا ما اريد فعلا شخصيا ان اقوم به لكن كل تلك الاشياء الاخرى تدخل عليه و تأخذ من وقته و هو -اى العلم- يأخذ من وقتها و يقع بالتالى التقصير فى كل تلك الاشياء معا..
اما بالنسبة للغربى فلا يوجد ضغط تعليمى (لأن كل معلم و متعلم و مدرسة على كل مستوى يقوم بدوره على اتم وجه) و لا يوجد ضغط ميتافيزيقى وضوحا (على الاقل تدينهم اذا كان موجودا فهو يتبع التقويم الشمسى!!) و لا يوجد ايضا ضغط اسرى بشكلنا الهيستيرى و بالتالى فهو لا يتساوى معنا فعلا الا فى الضغط العلمى و لأنه لا يعانى الا هذا الاخير فهو أكثر حرية و تحررا منا و لأنه ايضا -عموما- اذكى منا فهو سيبدع مع حريته و ذكائه اكثر ممن له حرية و ذكاء اقل يقينا..
وهذا تفسير..

No comments:

Post a Comment