فلسفة نيوتن التى تسمى المطلقية حول الفضاء-زمن تعتمد على الآتى:
اولا الفضاء و الزمن يأتيان منطقيا و مجازيا قبل الاجسام المادية و الحوادث. اذن الفضاء-زمن يمكن ان يوجد قبل الاشياء لكن الاشياء لا يمكن ان توجد قبل الفضاء-زمن.
ثانيا الاجسام المادية و الحوادث توجد داخل الفضاء-زمن.
ثالثا الفضاء-زمن غير قابل للتقسيم و هو لا نهائى. اذن لا يمكن فصل اى منطقة من الفضاء-زمن عن اى منطقة اخرى. ولا يوجد حدود للفضاء و لا اول و لا آخر للزمن.
رابعا من الناحية الانطولوجية (والانطولوجيا تُعنى بالوجود مقابل الابيستيمولوجا التى تُعنى بالحقيقة) فان الفضاء-زمن هو صفة من صفات الله سبحانه و تعالى. فالفضاء (اى المكان) هى صفة الاتساع اما الزمن فهو صفة القدم.
ألاحظ شيئين:
-نيوتن و ايضا ليبنيز و من بعدهما كانط يتعامل مع الفضاء مثلما يتعامل مع الزمن. تذكروا ان النسبية لا تتعامل مع المكان كما تتعامل مع الزمن. لكن الرياضيات الحسابية تتعامل معهما بنفس الطريقة مثل نيوتن و كانط و ليبنيز.
-لاحظوا اننا فى الفلسفة الاسلامية لا نتعامل مع المكان مثلما نتعامل مع الزمن (مثل النسبية) على الاقل بخصوص الله سبحانه و تعالى. فالله قديم لكن لا احد قال انه فى حيز اى فى مكان الا ابن رشد و ابن تيمية و هما لا اظنهما مقتنعان فعلا بذلك بل هذا الموقف منهما يدخل تحت خانة التشكيك المستمر و النهائى فى الخصوم وعدم قبول اى شيء منهم مهما كان وهذا باسم ارسطو (ابن رشد) و باسم السلف (ابن تيمية).
ولكن من اسمائه سبحانه و تعالى الواسع لكننى لم اسمع ابدا احد اراد ترقية هذا الاسم الى صفة حتى ابن رشد و ابن تيمية.
ربما الوحيد الذى يمكن ان نقول انه قال بان الله من صفاته الفضاء هو ابن عربى لكن ايضا تلميحا و ليس تصريحا.
اما الزمن فمن صفاته القدم و البقاء و اسمائه الأول و الآخر و قد صح فى الحديث القدسى ان الله هو الدهر. لكن الكل تأول هذا الحديث وقال متشابه و مجاز حتى من لا يقبل المتشابه فى القرآن و المجاز فى اللغة.
ولهذا دائما اقول لا توجد منهجية موضوعية صارمة فى الفلسفة الاسلامية فهى كلها توجهات ايديولوجية ولهذا لم تصل الى اى نتائج حقيقية بل كانت كلها تخبطات و لم تستطع حتى الاستمرار.
الآن مطلقية نيوتن فى الفضاء-زمن دمرها ليبنيز بفلسفته التى تسمى العلائقة فى رسائله الى كلارك (وهو الفيلسوف الانجليزى الممثل الرسمى لنيوتن) ثم اكمل تدمير فلسفة نيوتن المطلقية اعلاه بالكامل كانط بعد ليبنيز واقول انه فعل ذلك بكل سهولة بسبب ما فعله ليبنيز فيها من قبله.
نقد ليبنيز لنيوتن فى ثلاثة نقاط (نقد فلسفى دينى, نقد فلسفى فيزيائى و نقد فلسفى رياضى)
-اولا نقد فلسفى دينى.
بخصوص ادعاء نيوتن ان الفضاء-زمن هو احد صفات الله سبحانه و تعالى. يقول ليبنيز ان هذا الادعاء فى احسن احواله هو ادعاء مضلل missleading و فى اسوء احواله هو ادعاء ضال heretical (هكذا بالضبط). يقول مثلا ليبنيز فى احد رسائله لكلارك عن تعبيرات كلارك/نيوتن انها
strange expressions which plainly show that the author makes a wrong use of terms.
ومن حجج ليبنيز ضد نيوتن و كلارك ان الادعاء بان الفضاء-زمن هو صفة لله سبحانه و تعالى يعنى ان الله يحتوى على اجزاء لان الفضاء-زمن يحتوى على اجزاء. (وهذا فى رأيى ضعيف بل هو تحكم لان نيوتن صراحة يقول فى مسلماته ان الفضاء-زمن غير قابل للانقسام).
لكن نيوتن يسئ التعبير مرة اخرى (كما يقول ليبنيز اعلاه) فى كتابه الضوء Optics و يقول ان الفضاء-زمن هو محل الادراك و الاستعراف الالهى فيهاجمه ليبنيز بالاستنتاج (وهذا فى محله) ان الله اذن مفتقر الى الفضاء-زمن تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا.
-ثانيا نقد فلسفى فيزيائى. وهذا اقوى بكثير.
هذا يعتمد على مبدأ العلة الكافية (انظروا منشورى السابق عن العلة الكافية عند ليبنيز) حتى يقول ليبنيز ان هذا المبدأ مناقض لفكرة الفضاء-زمن المطلق.
فالله يفتقر الى العلة الكافية فى خلق العالم فى فضاء لانهائى متجانس فى اتجاه دون اتجاه.
اذن ليبنيز يستخدم التناظر تحت تأثير الدورانات (وهذا عبقرى جدا و فى غاية القوة) للقول بأن خلق العالم فى هذا الفضاء اللانهائى فى اتجاه دون اتجاه يفتقر الى المرجح وهو ما يسميه ليبنيز بالعلة الكافية.
فالله يحتاج الى علة كافية لخلق هذا العالم فى هذا الاتجاه دون ذلك الاتجاه و لان هذه العلة غير موجودة و الله قد خلق فعلا العالم فى فضاء لا نهائى متجانس فى اتجاه معين فان هذا يعنى ان مبدأ العلة الكافية قد انهار و هذا محال اذن الفضاء المطلق محال.
اذن يستنتج ليبنيز ان الفضاء نفسه يجب ان يُخلق مع العالم عندما يخلقه الله.
وهذا مقنع جدا اذا قبلنا مبدأ العلة الكافية اى أن كل شيء له علة كافية و بخصوص الله فان هذا يعنى ان الله لا يخلق بلا مرجح اى بلا علة كافية فالارادة عند ليبنيز غير كافية.
وهذا ليس مبدأ الترجيح بغير مرجح عند الفخر الرازى الذى تكفى فيه الارادة. فالرازى يُفرق بين (بلا مرجح) و (بغير مرجح) حيث ان الاولى باطلة اما الثانية فممكنة تحتاج فقط الى الارادة الالهية.
اما ليبنيز فان الارادة لوحدها غير كافية يقول
A mere will without any motive is a fiction not only contrary to God's perfection but also chimerical and contradictory.
ثالثا نقد فلسفى رياضى, وهو ايضا فى غاية القوة.
وهذا يعتمد على ثانى اهم المبادئ الليبنيزية (انظر المنشور الماضى مر اخرى) وهو مبدأ تطابق اللامتمايزات.
مرة اخرى فان خلق العالم فى الفضاء المطلق فى اتجاه دون اتجاه آخر يعنى انه لدينا عالمان متمايزان اى مختلفان لكنهما حسب مبدأ التناظر تحت تاثير الدورانات لا يمكن لأى كائن حتى الله سبحانه و تعالى ان يميز بين هذين العالمين. اذن لدينا عدم تطابق اللامتمايزات, وهذا محال. اذن الفضاء المطلق محال.
اولا الفضاء و الزمن يأتيان منطقيا و مجازيا قبل الاجسام المادية و الحوادث. اذن الفضاء-زمن يمكن ان يوجد قبل الاشياء لكن الاشياء لا يمكن ان توجد قبل الفضاء-زمن.
ثانيا الاجسام المادية و الحوادث توجد داخل الفضاء-زمن.
ثالثا الفضاء-زمن غير قابل للتقسيم و هو لا نهائى. اذن لا يمكن فصل اى منطقة من الفضاء-زمن عن اى منطقة اخرى. ولا يوجد حدود للفضاء و لا اول و لا آخر للزمن.
رابعا من الناحية الانطولوجية (والانطولوجيا تُعنى بالوجود مقابل الابيستيمولوجا التى تُعنى بالحقيقة) فان الفضاء-زمن هو صفة من صفات الله سبحانه و تعالى. فالفضاء (اى المكان) هى صفة الاتساع اما الزمن فهو صفة القدم.
ألاحظ شيئين:
-نيوتن و ايضا ليبنيز و من بعدهما كانط يتعامل مع الفضاء مثلما يتعامل مع الزمن. تذكروا ان النسبية لا تتعامل مع المكان كما تتعامل مع الزمن. لكن الرياضيات الحسابية تتعامل معهما بنفس الطريقة مثل نيوتن و كانط و ليبنيز.
-لاحظوا اننا فى الفلسفة الاسلامية لا نتعامل مع المكان مثلما نتعامل مع الزمن (مثل النسبية) على الاقل بخصوص الله سبحانه و تعالى. فالله قديم لكن لا احد قال انه فى حيز اى فى مكان الا ابن رشد و ابن تيمية و هما لا اظنهما مقتنعان فعلا بذلك بل هذا الموقف منهما يدخل تحت خانة التشكيك المستمر و النهائى فى الخصوم وعدم قبول اى شيء منهم مهما كان وهذا باسم ارسطو (ابن رشد) و باسم السلف (ابن تيمية).
ولكن من اسمائه سبحانه و تعالى الواسع لكننى لم اسمع ابدا احد اراد ترقية هذا الاسم الى صفة حتى ابن رشد و ابن تيمية.
ربما الوحيد الذى يمكن ان نقول انه قال بان الله من صفاته الفضاء هو ابن عربى لكن ايضا تلميحا و ليس تصريحا.
اما الزمن فمن صفاته القدم و البقاء و اسمائه الأول و الآخر و قد صح فى الحديث القدسى ان الله هو الدهر. لكن الكل تأول هذا الحديث وقال متشابه و مجاز حتى من لا يقبل المتشابه فى القرآن و المجاز فى اللغة.
ولهذا دائما اقول لا توجد منهجية موضوعية صارمة فى الفلسفة الاسلامية فهى كلها توجهات ايديولوجية ولهذا لم تصل الى اى نتائج حقيقية بل كانت كلها تخبطات و لم تستطع حتى الاستمرار.
الآن مطلقية نيوتن فى الفضاء-زمن دمرها ليبنيز بفلسفته التى تسمى العلائقة فى رسائله الى كلارك (وهو الفيلسوف الانجليزى الممثل الرسمى لنيوتن) ثم اكمل تدمير فلسفة نيوتن المطلقية اعلاه بالكامل كانط بعد ليبنيز واقول انه فعل ذلك بكل سهولة بسبب ما فعله ليبنيز فيها من قبله.
نقد ليبنيز لنيوتن فى ثلاثة نقاط (نقد فلسفى دينى, نقد فلسفى فيزيائى و نقد فلسفى رياضى)
-اولا نقد فلسفى دينى.
بخصوص ادعاء نيوتن ان الفضاء-زمن هو احد صفات الله سبحانه و تعالى. يقول ليبنيز ان هذا الادعاء فى احسن احواله هو ادعاء مضلل missleading و فى اسوء احواله هو ادعاء ضال heretical (هكذا بالضبط). يقول مثلا ليبنيز فى احد رسائله لكلارك عن تعبيرات كلارك/نيوتن انها
strange expressions which plainly show that the author makes a wrong use of terms.
ومن حجج ليبنيز ضد نيوتن و كلارك ان الادعاء بان الفضاء-زمن هو صفة لله سبحانه و تعالى يعنى ان الله يحتوى على اجزاء لان الفضاء-زمن يحتوى على اجزاء. (وهذا فى رأيى ضعيف بل هو تحكم لان نيوتن صراحة يقول فى مسلماته ان الفضاء-زمن غير قابل للانقسام).
لكن نيوتن يسئ التعبير مرة اخرى (كما يقول ليبنيز اعلاه) فى كتابه الضوء Optics و يقول ان الفضاء-زمن هو محل الادراك و الاستعراف الالهى فيهاجمه ليبنيز بالاستنتاج (وهذا فى محله) ان الله اذن مفتقر الى الفضاء-زمن تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا.
-ثانيا نقد فلسفى فيزيائى. وهذا اقوى بكثير.
هذا يعتمد على مبدأ العلة الكافية (انظروا منشورى السابق عن العلة الكافية عند ليبنيز) حتى يقول ليبنيز ان هذا المبدأ مناقض لفكرة الفضاء-زمن المطلق.
فالله يفتقر الى العلة الكافية فى خلق العالم فى فضاء لانهائى متجانس فى اتجاه دون اتجاه.
اذن ليبنيز يستخدم التناظر تحت تأثير الدورانات (وهذا عبقرى جدا و فى غاية القوة) للقول بأن خلق العالم فى هذا الفضاء اللانهائى فى اتجاه دون اتجاه يفتقر الى المرجح وهو ما يسميه ليبنيز بالعلة الكافية.
فالله يحتاج الى علة كافية لخلق هذا العالم فى هذا الاتجاه دون ذلك الاتجاه و لان هذه العلة غير موجودة و الله قد خلق فعلا العالم فى فضاء لا نهائى متجانس فى اتجاه معين فان هذا يعنى ان مبدأ العلة الكافية قد انهار و هذا محال اذن الفضاء المطلق محال.
اذن يستنتج ليبنيز ان الفضاء نفسه يجب ان يُخلق مع العالم عندما يخلقه الله.
وهذا مقنع جدا اذا قبلنا مبدأ العلة الكافية اى أن كل شيء له علة كافية و بخصوص الله فان هذا يعنى ان الله لا يخلق بلا مرجح اى بلا علة كافية فالارادة عند ليبنيز غير كافية.
وهذا ليس مبدأ الترجيح بغير مرجح عند الفخر الرازى الذى تكفى فيه الارادة. فالرازى يُفرق بين (بلا مرجح) و (بغير مرجح) حيث ان الاولى باطلة اما الثانية فممكنة تحتاج فقط الى الارادة الالهية.
اما ليبنيز فان الارادة لوحدها غير كافية يقول
A mere will without any motive is a fiction not only contrary to God's perfection but also chimerical and contradictory.
ثالثا نقد فلسفى رياضى, وهو ايضا فى غاية القوة.
وهذا يعتمد على ثانى اهم المبادئ الليبنيزية (انظر المنشور الماضى مر اخرى) وهو مبدأ تطابق اللامتمايزات.
مرة اخرى فان خلق العالم فى الفضاء المطلق فى اتجاه دون اتجاه آخر يعنى انه لدينا عالمان متمايزان اى مختلفان لكنهما حسب مبدأ التناظر تحت تاثير الدورانات لا يمكن لأى كائن حتى الله سبحانه و تعالى ان يميز بين هذين العالمين. اذن لدينا عدم تطابق اللامتمايزات, وهذا محال. اذن الفضاء المطلق محال.
No comments:
Post a Comment