LATEX

حل معضلة الموت

الجزء الاول 

و واحد من اسباب اهتمامى بالثقوب السوداء هو انها تقدم نموذج نظرى صريح للموت و كيفية البعث.

وفى هذا المنشور سوف اقدم حل صريح لمعضلة الموت -وهذا حل معضلة كبرى اخرى بعد الحل الذى قدمناه لمعضلتى الحرية و الشر.
اذن الثقب الاسود يتشكل من انهيار نجم على نفسه بسبب قوة الجذب الثقالى.
ثم يبدأ بالتبخر ببطئ شديد وهذا بسبب التفاعلات الكمومية.
وهذا التبخر يعنى التناقص حتى يصل الثقب الى حجم يساوى صفر.
اذن كل تلك المادة التى سقطت بالثقب -وتمسى المعلومات- تكون قد ضاعت بعد تلاشى الثقب الاسود و تبخره بالكامل.
اذن اذا كان هذا الامر صحيحا فان الثقب الاسود هو فعلا ثقب فى الفضاء-زمن.
لكن كل هذا مرفوض بسبب خاصية للميكانيك الكمومى تسمى الاحادية. الحل ان المعلومات يجب ان تخرج من الثقب قبل ان يتلاشى الثقب بالتبخر. لكن كيف هذا هو السؤال.
اذن الروح تلعب دور المعلومات بل هى فعلا معلومات- وهى تضيع فى الموت الذى يلعب بالنسبة لها الدور الذى يلعبه الثقب الاسود بالنسبة للمعلومات.
المعلومات موجودة فى الفضاء-زمن و الثقب الاسود يقسم الفضاء-زمن الى قسمين عبر ما يسمى افق الحدث و هى كرة تحيط بالمفردة.
بنفس الطريقة فان الروح موجودة فى فضاء الأنا-و-الوعى و الموت يقسم فضاء الأنا-و-الوعى عبر ما اسميه افق الموت.
ايضا فان الثقب الاسود عند ضياع المعلومات فيه يصدر عنه فى نفس الوقت اشعاع مادى يسمى اشعاع هاوكينغ. فى الحقيقة فان المعلومات الضائعة و اشعاع هاوكينغ هما فى الحقيقة توأم مادى كمومى. وهما -اى المعلومات الضائعة و اشعاع هاوكينغ- يشكل حالة كمومية واحدة فى الفضاء-زمن يوحدها التشابك الكمومى.
بالمثل فان الموت عند ضياع الروح فيه يجب ان يصدر عنه فى نفس الوقت اشعاع روحى دعنا نسميه اشعاع الروح. الروح الضائعة فى الموت و اشعاع الروح هما توأم روحى-كمومى يشكلان معا حالة روحية-كمومية واحدة فى فضاء الأنا-و-الوعى يوحدها التشابك الروحى-الكمومى.
هنا نفترض ان الميكانيك الكمومى يطبق على الفضاء-زمن (احادية الميكانيك الكمومى) و ما سأسميه الميكانيك الروحى-الكمومى سيطبق على فضاء الأنا-و-الوعى (وحدة الوعى).
معضلة ضياع المعلومات فى الثقب الاسود ان المادة يمكنها ان تعبر افق الحدث من الخارج الى الداخل فقط و الراصد الساقط فى الثقب الاسود لن يرى اى شيء مختلف فى الفضاء-زمن عند عبوره افق الحدث و كل ما سيحدث انه لن يستطيع ان يتواصل مع الراصد الخارجى فى المالانهاية بعد ان يعبر افق الحدث.
بنفس الطريقة فان معضلة ضياع الروح فى الموت تكمن فى ان الروح تعبر افق الموت من الخارج الى الداخل فقط و الراصد الساقط فى الموت فانه يعبر مع الروح افق الموت و لن يرى اى شيء مختلف فى فضاء الأنا-و-الوعى عند عبوره افق الموت و كل ما سيحدث انه لن يستطيع ان يتواصل مع الراصد الخارجى الذى مازال حيا.
الراصد الخارجى فى حالة الثقب الاسود يعلم انه ليس هناك ضياع للمعلومات فى الثقب الاسود لان المعلومات ستعود و تخرج من الثقب الاسود عند زمن يسمى زمن بايج. المعلومات ستبدأ فى الخروج عندما يتوقف انطروبى التشابك الكمومى عن التزايد و يبدأ فى النقصان وهذا عندما يقفز ما يسمى السطح الكمومى القصوى من الصفر الى محاذاة افق حدث الثقب الاسود. و السطح الكمومى القصوى هو ما يحدد المنطقة من الفضاء-زمن التى نحسب فيها التشابك. اذن فى زمن بايج يقع تحول طورى تتغير عنده منطقة التشابك الكمومى التى تسمى حرف التشابك الكمومى من منطقة متصلة الى منطقة منفصلة.
بنفس الطريقة فان الراصد الخارجى -فى حالة الموت- يعلم انه ليس هناك ضياع للروح فى الموت لان الروح ستعود و تخرج عند زمن معين يسمى زمن البعث. الروح ستبدأ فى الخروج عندما يتوقف انطروبى التشابك الكمومى -بين الروح و اشعاع الروح- عن التزايد و يبدأ فى النقصان وهذا عندما يقفز ما سأسميه السطح الروحى-الكمومى القصوى من الصفر الى محاذاة افق الموت. و السطح الروحى-الكمومى القصوى يحدد المنطقة من فضاء الأنا-و-الوعى التى نحسب فيها التشابك الروحى-الكمومى. اذن فى زمن البعث يقع تحول طورى تتغير عنده منطقة التشابك الروحى-الكمومى التى تسمى حرف التشابك الروحى-الكمومى من منطقة متصلة الى منطقة منفصلة.
كما انه فى الثقب الاسود هناك جزيرة تحتوى المعلومات الضائعة متصلة باشعاع هاوكينغ خارج الثقب وهما يبعدان مسافة هائلة عن بعضهما البعض فى الفضاء-زمن.
فانه فى الموت هناك جزيرة -هى البرزخ- تحتوى الروح الضائعة متصلة باشعاع الروح خارج الموت -اى صدى الوعى فى الحياة- رغم انهما يبعدان عن بعضهما البعض مسافة لا يمكننا تقديرها فى فضاء الأنا-و-الوعى.

الجزء الثانى
يَوْمَ تُبَدَّلُ الأرْضُ غَيْرَ الأرْضِ والسَّماواتِ وبَرَزُوا لِلَّهِ الواحِدِ القَهّارِ -ابراهيم الآية 48-.
اذن بكل بساطة فان الارض و السماوات سوف تبدلان بأرض اخرى. هذه هى نقطة انطلاق نظرية الموت التى قدمناها منذ ايام بالمقارنة مع الثقوب السوداء.
فان الذى يحدث ان الوعى الذى يعيش فى هذا العالم و يرى هذه الارض و هذه السماوات اى كل هذه الجيولوجيا و هذه البيولوجيا وماهو اعظم منهما هذه الكوسمولوجيا التى يكتشفها الانسان يوما بعد يوم هو لا يرى -اى هذا الانسان- الا مظاهر فقط اما البواطن فهى محجوبة عنه (وهذه فكرة كانط فى المظاهر و الاشياء-فى-ذاتها).
وعندما ينتقل الوعى الى مرحلة ما اسميه اشعاع الوعى فان كل هذه الارض و هذه السماوات سوف تظهر على حقيقتها و هى ارض البعث.
اذن الارض بدلت غير الارض و السماوات لان الحجب انكشفت عن الوعى او ان الوعى تحول الى وعى ممتاز فاستطاع رؤية الحقيقة.
و كأن العالم كما قال بركلى لا يوجد الا فى ذهن الراصد الذى سوف سيرى العالم حسب ما بنيت عليه نفسيته و وعيه.
لكن افضل و ادق من رأى بركلى هو رأى الغزالى فى ان العقل طور واحد من اطوار الوعى وسوف يليه طور العقل الممتاز بعد الموت. اذن الموت حسب الغزالى هو ليس الا مرحلة تطورية سوف يخضع لها الوعى.
كما سنرى فان الانسان بعد الموت -و بالضبط بعد البعث وهذا حسب النموذج الذى سوف اطرحه هنا- سوف ينتقل من طور العقل -ما أسميه الوعى هنا- الى طور العقل الممتاز -ما اسميه هنا اشعاع الوعى- وهذا فى رأيى هو خلاصة ما ذكره الغزالى منذ 1000 سنة توصل اليه عبر تأمل عقلى-كشفى نادر اما هنا فاننى ساطرح نموذج فيزيائى-نفسى-ميتافيزيقى يتم فيه تنفيذ هذه الفكرة بشكل صريح وهذا بالمقارنة مع فيزياء الثقوب السوداء.
فى هذه المقاربة لدينا 4 افكار معقدة اساسية.
1 كما ان المعلومات المادية الساقطة فى الثقب الاسود لا تضيع فان المعلومات الروحية اى الوعى الساقط فى الموت لا يضيع.
2 المعلومات المادية الساقطة فى الثقب الاسود تعاود الخروج من الثقب بعد زمن معين يسمى زمن بايج -وبايج هو الفيزيائى الذى اقترح هذا الامر فى الثمانينات ثم اتضحت صحته فى النماذج النظرية الحديثة-.
كذلك فان المعلومات الروحية الساقطة فى الموت تعاود الخروج من الموت بعد زمن معين هو زمن البعث.
3 اذن لدينا من جهة الثقوب السوداء:
اولا ثقب اسود يتبخر اى ان الثقب الاسود يتناقص شيئا فشيئا.
ثانيا لدينا اشعاع هاوكينغ الذى خرج من الثقب قبل زمن بايج مع بداية التبخر.
ثالثا لدينا المعلومات الساقطة -التى كنا نظن انها ضائعة- التى سوف تخرج من الثقب بعد زمن بايج.
اشعاع هاوكينغ و المعلومات الساقطة هما توأم فيزيائى متشابك كموميا يوصف بحالة واحدة. المعلومات الساقطة بعد خروجها سوف تنضم الى اشعاع هاوكينغ و تصبح جزءا منه. الثقب فى حالة تناقص مستمر. و بعد تبخر الثقب اى اكتمال خروج جميع المعلومات الساقطة فان الثقب يختفى و لا يبقى لدينا الا اشعاع هاوكينغ.
اذن فى البداية قبل التبخر كان لدينا جسم مادى معين هو (الثقب الاسود) و بعد خروج جميع المعلومات من الثقب وتبخر هذا الاخير فانه سوف سيكون لدينا مادة مختلفة جذريا عن الجسم المادى الذى ابتدأنا به هى بالضبط (اشعاع هاوكينغ). الثقب الاسود الابتدائى و اشعاع هاوكينغ النهائى هما مختلفان جذريا عن بعضهما البعض لكن يحتويان على نفس المعلومات.
4 دعنا نطبق هذا الميكانيزم على الموت. الانسان (جسم مادى + وعى) يسقط فى الموت فيضيع الوعى الى حين و لا يبقى بين ايدينا الا الجسد المادى.
فى هذه المقاربة و على عكس الثقب الاسود الذى يموت عبر التبخر ببطء فان الانسان يموت بالموت دفعة واحدة.
اذن لدينا فى حالة الموت:
اولا ما سوف اسميه (ثقب الموت) الذى يشبه الثقب الاسود. الموت نفسه يشبه اكثر عملية تبخر الثقب الاسود. اذن ثقب الموت هو فى حد ذاته فى حالة تناقص.
ثانيا لدينا ذرات الجسم المادى التى هى كل ما يتبقى لدينا بعد الموت قبل زمن البعث.
ثالثا لدينا المعلومات الروحية -اى الوعى- التى سقطت فى ثقب الموت و التى سوف تخرج من ثقب الموت شيئا شيئا بعد زمن البعث. اذن الوعى حسب هذا النموذج سوف يخرج من ثقب الموت ليس دفعة واحدة لكن ببطء.
الجسم المادى فى حالة ثقب الموت هو الذى يلعب دور اشعاع هاوكينغ الاولى فى حالة الثقب الاسود.
لكن الارض سوف تبدل غير الارض و السماوات لحظة البعث.
اذن هذا الجسم المادى سوف يبدل غير الجسم المادى الذى نعرفه لحظة البعث ويتحول الى كينونة اخرى هى التى سميتها فى المنشور السابق (اشعاع الروح) لكن اسميها هنا (اشعاع الوعى).
اذن الجسم المادى سوف يبدل الى اشعاع الوعى وهذا هو الذى يلعب دور اشعاع هاوكينغ فى الحقيقة.
اشعاع الوعى و المعلومات الساقطة فى ثقب الموت -اى الوعى- هما توأم نفسى متشابك كموميا يوصف بحالة واحدة (هنا نفترض ان الميكانيك الكمومى يطبق ايضا ميتافيزيقيا).
المعلومات الساقطة بعد خروجها من ثقب الموت تتحول هى الاخرى الى اشعاع الوعى. و بعد تبخر ثقب الموت اى اكتمال خروج جميع المعلومات الروحية الساقطة فان ثقب الموت بل الموت فى حد ذاته سوف يموت و لا يبقى لدينا الا اشعاع الوعى.
اذن فى البداية قبل السقوط -فى ثقب الموت- كان لدينا (جسم مادى + وعى) وهذا هو طور العقل الذى يرى هذه الارض و هذه السماوات على الشكل الذى نعرفه لكن بعد الخروج -من ثقب الموت- فانه لدينا (اشعاع الوعى وهو وعى ممتاز) وهذا طور مختلف جذريا عن طور العقل بل هو طور يتعدى طور العقل مثلما ان العقل طور يتعدى طور التمييز و هذا الطور العقلى الممتاز هو الذى سوف يتمكن من رؤية هذه الارض و هذه السماوات على حالتهما الحقيقة.

No comments:

Post a Comment