LATEX

الثقالة اشبه بالوعى و ابعد عن المادة فى نظرية الميكانيك الكمومى

الثقالة اشبه بالوعى و ابعد عن المادة فى نظرية الميكانيك الكمومى

باديس يدري
استاذ الفيزياء النظرية
جامعة عنابة - الجزائر
ايمايل: ydribadis@gmail.com

 من بين جميع القوى الكونية التى نعرفها اليوم من نتائج العلم لا نجد الا (قوة الجذب الثقالى) و (قوة الوعى) من يقاوم عملية التكميم quantization اى عملية تحويل القوة من قوة كلاسيكية تخضع الى قوانين نيوتن الى قوة كمومية تخضع لقوانين الميكانيك الكمومى لبوهر و هايزنبرغ و شرودينغر و ديراك و باولى.

نحن نعتقد ان الطبيعة -كل ما فى الطبيعة- يجب ان تخضع الى الميكانيك الكمومى و نعتقد ايضا ان الميكانيك الكمومى هو النظرية الاساسية لهذه الطبيعة و لهذا فان العلماء يصرون على ضرورة تكميم قوة الثقالة و تكميم قوة الوعى مع فشل شديد فى كلا المحاولتين.
أهم المحاولات بخصوص تكميم قوة الثقالة (او ما يسمى نظرية الثقالة الكمومية) هى نظرية الاوتار الممتازة superstring theory.
و من محاولات تكميم الوعى نذكر مثلا نظرية بنروز و هاميروف المسماة: الاختزال الموضوعى المنظم orchestrated objective reduction.
قوة الجذب الثقالى هى فى الحقيقة هندسة الفضاء-زمن وهذا ما علمنا اياه اينشتاين.
اى انه لا توجد فى الحقيقة قوة جذب ثقالى بل كل ما هنالك هو هندسة الفضاء-زمن و حركة الاجسام فى هذه الهندسة التى تريد ان تبقى هندسة كلاسيكية و لا تتحول الى هندسة كمومية منسجمة مع قوانين الميكانيك الكمومى.
بنفس الطريقة فان قوة الوعى هى فى الحقيقة ليست الا هندسة العقل مثلما ان قوة الثقالة هى ليست الا هندسة الفضاء-زمن.
الوعى اذن هو نطاق وجودى اضافي يختلف عن نطاقى الزمن و الفضاء -وهذا كان يقوله العملاق النفسانى جونغ منذ اختلف مع فرويد-.
الوعى من الجهة المادية اذن موجود فى الفضاء-زمن اما من الناحية المثالية فهو موجود فى نطاق آخر خارج الفضاء-زمن. اى اننا نحن نتبنى هنا ضمنيا بله صراحة ثنائية العقل-و-الجسم على منوال العملاق العقلانى ديكارت لكن هذه الثنائية هى ليست بالضرورة الثنائية الديكارتية.
هذه الهندسة الوعيوية -هندسة نطاق الوعى- يجب ان تحقق شروط معينة حتى يتحقق التعقل.
مثلما ان هندسة الفضاء-زمن يجب ان تكون هندسة ريمان -العملاق الرياضى- وليس اى هندسة اخرى والا فان قوة الثقالة لا يمكن ان تتحقق فى الواقع (هذا فى الحقيقة هو نص مبدأ التكافؤ للنسبية العامة).
بنفس الطريقة فان هندسة الوعى يجب ان تكون هندسة مخصوصة (دعنا نسميها هندسة جونغ-و-ريمان) حتى تتحقق الكواليا qualia (اى الوعى الظواهرى) و يتحقق العقل و اللغة و القصد و حريتى الارادة و الفعل.
فالحيوانات مثلا لديها وعى لكن ليس لديها عقل اى ان هندسة الوعى عندها هى ليست هندسة جونغ-ريمان بل هى اقل شروطا وهذا مثلما ان الفضاءات الطوبولوجية هى عموما اقل شروطا بكثير من فضاءات ريمان وعليه فلا يمكن ان تنبعث فيها قوة الجذب الثقالى التى نعرفها.
اذن هذه الهندسة الجونغية-الريمانية النفسية تريد ان تبقى هندسة كلاسيكية مثلما ان هندسة ريمان الرياضية تريد هى الاخرى ان تبقى هندسة كلاسيكية.
هذه الهندسات النفسية و الرياضية يبدو انها تعشق منطق ارسطو الكلاسيكى و لا تريد ان تتحول الى منطق فون-نيومان الكمومى.
وهذا عكس هندسات القوى الكونية الثلاثة الاخرى التى يمكن تكميمها جميعا بنجاح مؤكد فى جميع التجارب التى اجريت الى حد الساعة.
الكون اذن يبدو انه يريد ان يكون نفسى و مادى فى آن معا مثلما انه يريد ان يكون ثقالى و غير ثقالى فى آن معا مثلما انه يريد ان يكون كلاسيكى و كمومى فى آن معا.
هذا الكون يريد كل شيء.
ونرجع الى بداية التساؤل لماذا تريد قوة الثقالة و ما يؤسس لها اى هندسة الفضاء-زمن الوقوف فى صف الوعى و العقل اى البقاء على الوصف الكلاسيكى و ليس التحول الى الوصف الكمومى كما هو الحال مع القوى الثلاثة الاخرى اى الكهرومغناطيسية و النووية و الاشعاعية.
أليس هذا غريب جدا.
أليست الثقالة و الهندسة اقرب الى المادة من الوعى و العقل.
فلماذا اذن الثقالة تشبه الوعى و لا تشبه المادة عندما يتعلق الامر بالميكانيك الكمومى.

No comments:

Post a Comment