LATEX

هل الارض مسطحة و هل الكون لانهائى?

 

هل الارض مسطحة و هل الكون لانهائى?
عموما الذين يقولون ان الارض مسطحة سيقولون ان الكون لانهائى ليس لان العلم يقول هذا او ذلك بل لاسباب القفزة الدوغماتية (وهو مصطلحى الجديد انظروا تعريفه فى منشور البارحة) التى يعانى منها الجميع.

الارض مسطحة!!
والله هذه بلوى من البلاوى التى تُضحك قبل ان تُبكى ثم تؤدى بنا مباشرة الى هيستيريا لا نعرف فيها هل يجب ان نضحك ام نبكى.
احدهم ينكر كروية الارض لانه يمشى على سطح الارض و لانه لن يرى انحناء الارض ابدا (فهو مبدأ التكافؤ للنسبية العامة الذى ينص على ان المتشعب manifold اى الفضاء المنحنى سيظهر دائما مسطحا موضعيا locally فى الجوار الاقرب للراصد ولرؤية الانحناء علينا الخروج منه و قد فعلوا ذلك على الارض. او تتأكد من الانحناء عبر السفر حول الارض والرجوع الى نفس النقطة).
اذن هذا رجل ايضا ينكر اخبار التواتر وهو قَبِل اخبار الفرد فى الخرافات و الاساطير.

اذن لن نتكلم عن هذا الموضوع اكثر هنا و نترك من له صبر ايوب ان يتعامل مع هؤلاء القوم لعل الله يوفقه عليهم أ و يهديهم اليه و الى غاية الرشد.
اما كون الكون لانهائى فهذه موجودة فى العلم الفيزيائى و الكوسمولوجى بل هى موجودة بكثرة و ربما الاغلبية تقول بهذا و السبب وجيه جدا لكنه غير مقنع بالنسبة لى على الاقل.
أهم صفات الكون (التوسع) او (التمدد) اى ال expansion.
وهذا يقينى حسب الفيزياء التجريبية فهناك كثير من القرائن التجريبية اقواها قياس السرعات بدلالة المسافات الكونية او ما يسمى الانزياح-نحو-الاحمر redshifts (قانون هابل).
لكن ايضا يمكن قياس ثابت هابل (الذى هو سرعة التوسع) انطلاقا من التقلبات fluctuations فى اشعاع الخلفية الميكروى cosmic microwave background او ال CMB اختصارا.
ثابت هابل من قياسات ال CMB يعطى تقريبا ب 67 كلم فى الثانية من اجل كل مليون بارساك parsec من الكون. اى من اجل كل مليون بارساك اضافى من الكون فان سرعة التوسع تزداد ب 67 كلم فى الثانية.
وتوسع الكون هو اما أسى exponential (اى بسرعة اسية) وهذا كان فى عهد التضخم inflation او حدودى polynomial (اى بسرعة تتبع كثير حدود) وهذا خلال مراحل هيمنة الاشعاع و المادة فى الماضى و مرحلة هيمنة الطاقة المظلمة dark energy فى الحاضر و المستقبل.
والطاقة المظلمة هى طاقة الفراغ الكمومى quantum vacuum (تصوروا قوة كازمير Casimir force بين سطجين ناقلين فذلك مثال آخر) و بالتالى فهى ذات ضغط سالب مما يؤدى الى تسارع التوسع.
اذن الكون يتوسع و توسعه يتسارع. وكما ذكرنا فى منشور آخر فان سرعة التسارع هى سرعة فوق-ضوئية superluminal.
ثانى أهم صفات الكون هو التسطح flatness وهذا صحيح بخطأ أقل من 0,04 بالمائة اعتمادا على قياسات مرصد بلانك الاخيرة وهو احدث و اقوى المراصد على الاطلاق.
وثالث اهم صفات الكون هو محدودية عمر الكون الذى يساوى اكثر بقليل من 13 مليار سنة.
من هذه الصفات الثلاثة (التوسع و التسطح و عمر الكون) نستنتج مباشرة ان الكون لانهائى (التسطح) او نهائى (سرعة التوسع دائما نهائية فى عمر للكون نهائى).
اذن لا يمكن الحسم من هذه الجهة.
علينا ان نعترف انه اضفنا الى كل هذا ان الكون على الابعاد الهائلة جدا هو فعلا منسجم homogeneous و متوحد المناحى isotropic (وهذا هو المبدأ الكوسمولوجى cosmological principle وهو مؤكد تجريبيا جدا) فان هذا يجعلنا فعلا نرجح خاصية التسطيح على خاصية سرعة التوسع اى نرجح ان الكون فعلا لانهائى.
اذن علميا هذا هو الترجيح. ونحن نقبل به وهو يذهب عكس الترجيح الكلامى لكنه متوافق مع ترجيح الفلاسفة و ابن تيمية و ابن عربى.
وننبه ان التسطيح يعنى ان الكون مسطح اى انه فضاء اقليدى ثلاثى.
لكن هل يمكن ان نذهب ابعد من هذا و ماهى النتائج المترتبة على لانهائية الفضاء.
حسب ماكس تاغمارك فان المستوى الاول level I للكون هو الذى يعطيه النموذج القياسى للكوسمولوجى standard model of cosmology او ما يسمى نموذج ال Lambda-CDM وهو يتميز بالخواص الآنفة الذكر (التوسع, التوسع المتسارع بسبب الطاقة المظلمة, التسطح الذى يعنى ان الفضاء هو اقليدى كما تصوره اقليدس اليونانى, محدودية عمر الكون, وايضا التضخم).
نموذج التضخم الكونى cosmic inflation يعنى ان الكون فى الحقيقة قد توسع خلال مرحلة التضخم فى بداية عمره بشكل أسى يقارب تضاعف للحجم يساوى ال 10 للقوة 78 وهذا معامل هائل.
اذن الكون المرصود هو جزء صغير جدا بل هو قد يكون جزء لا متناهى فى الصغر من عديد-الاكون multiverse.
اذن الكون المرئى visible او الكون المرصود observable universe او ما يسمى حجم هابل Hubble volume هو يقينا نهائى يساوى بالضبط 46 مليار سنة ضوئية فى كل اتجاه.
هذا هو الكون المرصود لان هذه المسافة هى المسافة القصوية التى يمكن ان يقطعها الضوء المتخلق عند الانفجار الاكبر حتى يصل الينا خلال عمر الكون المحدود و هذا باخذ بعين الاعتبار لتوسع الكون.
اذن الكون المرصود هو نهائى وهو ذو قطر يساوى 93 مليار سنة ضوئية وهو فى تزايد مستمر مع الزمن لان الكون فى حالة توسع مستمر اذن هناك ايضا ضوء اضافى سيصل الينا فى المستقبل ستتكشف به حجب اخرى.
اذن الكون المرصود هو كون مشهود و هو غيب يتكشف لنا رويدا رويدا.
اما عديد-الاكوان تحت فرضية ان الفضاء لانهائى فانه يحتوى على عدد لانهائى من الاكوان او احجام هابل مستقلة سببيا بالكامل عن بعضها البعض.
اذن نحن نعيش فى حجم هابل الخاص بنا لكن هناك وراء الافق الكونى cosmic horizon احجام هابل اخرى تتميز بنفس القوانين الفيزيائية و نفس الثوابت الفيزيائية و لا تختلف عن بعضها البعض الا فى الشروط الابتدائية.
ولان الفضاء لانهائى (هذه هى فرضية التضخم الكونى التى تفسر التسطيح و اشياء اخرى كثيرة) فان هناك احجام هابل اخرى متطابقة تماما مع حجم هابل (اى الكون المرصود) الخاص بنا) على مسافات تقارب ال 10 للقوة 10 للقوة 29 وهذا عدد لا يمكن كتابته بأى طريقة فى كوننا المرصود الخاص بنا.
اذن حسب ماكس تاغمارك الذى قام بالحساب فان هناك أرض أخرى فى كون آخر (حجم هابل آخر) يعيش عليه نفس الانسان -اى انت نفسك و كل واحد فينا- بكل تفاصيلنا المادية و النفسية وهذه الارض فانها تبعد تلك المسافة الجهنمية عنا.
هذا يرجع بكل بساطة الى محاولتنا توزيع شيء متناهى (المادة) فى شيء لامتناهى (الفضاء) اذن ليس هناك مهرب او بد من التكرار اللانهائى.
اذن ليست هناك نسخة واحدة فقط من الانسان و الارض وراء الأفق الكونى بل هناك عدد لانهائى من النسخ الاخرى للانسان و الارض يعيشان فى نسخ أخرى متطابقة و متماثلة من احجام هابل لا تفترق عن كوننا المرصود فى شيء البتة.
أكرر ان الفرضية الاساسية هنا هى ان الفضاء لانهائى وان نظرية التصخم صحيحة وان المادة محدودة وهى فرضيات مقبولة جدا تؤدى الى نتيجة عجيبة تجعلنا نتشكك فى الفرضية الاولى (الفضاء لانهائى).
اذن الكون المرصود هو جزء نهائى فى عديد-الاكوان اللانهائى الذى يحتوى على كل الامكانيات الممكنة و يحتوى من كل امكانية على عدد لانهائى من النسخ المتطابقة و المتماثلة لكوننا المرصود.
وهذه فى الحقيقة نتيجة المبدأ الكوسمولوجى الذى ينص على ان موقعنا فى الكون (فى عديد-الاكوان) لا يجب ان يكون متميزا.
هذا هو المستوى الاول Level I للكون. وهو يعتمد على نظرية التضخم الكونى و فرضية لانهائية الفضاء.
المستوى الثانى Level II للكون يعتمد على نظرية التضخم الفوضوى chaotic inflation التى تؤدى الى احجام هابل بقوانين فيزيائية مختلفة و ثوابت فيزيائية مختلفة و شروط ابتدائية مختلفة عكس التضخم الكونى الذى يؤدى الى اختلاف الشروط الابتدائية فقط.
هذا المستوى تؤدى اليه امكانية اختلاف خواص التحول الطورى phase transition الذى يميز النموذج القياسى للجسيمات الاولية standard model of elementary particles فى بداية الكون الذى يحدث فى اماكن مختلفة من الكون.
هذه الاماكن المختلفة التى تختلف فيها خواص التحول الطورى الكهروضعيف electroweak تسمى اذن و يمكن تصورها بالفعل على شكل فقاعات bubbles ترموديناميكية مختلفة. كل فقاعة تقابل عديد-اكوان مختلف. 

لنلاحظ ان السفر بين احجام هابل فى المستوى الاول ممكن اذا سافرنا بسرعة الضوء ابدا او استخدمنا مشغل الاعوجاج (مشغل الكوبيار الذى قدمناه فى منشور سابق) الذى يستخدم التوسع نفسه للسفر.
اما السفر بين الفقاعات فى المستوى الثانى فهو غير ممكن لان الفضاء بين هذه الفقاعات مازال يعانى من التوسع الاسى للتضخم.
علينا ايضا ان نذكر ان النموذج القياسى للجسيمات الاولية هو أم النموذج القياسى للكوسمولوجيا و الكوسمولوجيا كعلم كانت ضائعة قبل فيزياء الجسيمات الاولية.

المستوى الثالث Level II للكون هو عديد-العوالم many-worlds للميكانيك الكمومى الذى لن يؤدى الى اى شيء جديد جذريا بالمقارنة مع سابقية حسب ماكس تاغمارك.
فى هذا المستوى هناك انقسام او انشطار للعالم أجمعه عند عمليات الرضد الكمومى مهما كان سببها (وعى او ديكوهيرانس او او). اذن النسخة الاضافية المماثلة و المطابقة للانسان و الارض توجد على فرع مختلف من دالة الموجة فى فضاء هيلبرت و ليس فى حجم هابل مختلف فى مكان آخر من الكون.
هنا يتدخل فيزيائيون آخرون على رأسهم العبقرى الشيخ ساسكيند Susskind و يقول ان عديد-الاكوان هو نفسه عديد-العوالم وهذا لا يبدو لى مختلفا عما يذكره تاغمارك لان هذا الاخير ينص على ان المستوى الثالث لا يؤدى الى اضافة الى المستوى الاول او الثانى.
اذن
Many-worlds=Multiverse
المستوى الرابع هو الكون حسب نظرية كل شيء Theory of Eeverything وهى حسب تاغمارك جملة رياضية محضة ليس لها علاقة عضوية ضرورية بالطبيعة لكنها هى بالضبط الطبيعة!!.
اذن فى نظرية كل شيء (الرياضيات هى الفيزياء) ليس شيئا آخر.
اذن نرجع الى السؤال هل الكون لانهائى ام نهائى?.
الجواب ان الكون المرصود هو نهائى يقينا و هذا يكفى الطريقة العلمية.
اما عدد-الاكوان و عديد-العوالم و نظرية كل شيء فهذه فعلا قد تكون لانهائية و لن نستبعد ابدا هذا.
أليس كل هذا تجلى من تجليات الله سبحانه و تعالى وهو اللانهاية التى ليس كمثلها لانهاية لان (الله ليس كمثله شيء).

واذا ذهبنا الى فلسفة الكوسمولوجيا فان اول مسلماتها على الاطلاق هى (ان الكون ليس كمثله شيء) وكما ترون فهم يقتربون رويدا رويدا من الحقيقة الغيبية عبر العلم الكونى.

 



 

No comments:

Post a Comment